مقدمة
بسم الله الرحمن
الرحيم الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، الحمد لله الذي خلق
السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل
له عوجا ، قيما لينذر بئسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن
لهم أجرا حسنا ، الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة
وهو الحكيم الخبير ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج
فيها وهو الرحيم الغفور ، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي
أجنحة مثني وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ، سبحانه رب
السماوات ورب الأراضين ، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح
بحمده ، خلق الخلق فأحصاهم عددا ، وقسم الأرزاق فلم ينس أحدا ، إن كل من في السماء
والأرض إلا آت الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا ، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ،وأشهد
أن لا إله إلا الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ، سبحانه
رفع السماء بلا عمد وبسط الأرض على ماء جمد ، هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب
والشهادة هو الرحمن الرحيم ، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن
المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ، هو الله الخالق البارئ المصور
له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
وأشهد ان محمدا
عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ، أرسله الله رحمة للعالمين ، وهو شفيع الأمة يوم
الدين ، فاللهم صلي عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران:102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا}
{سورة
النساء:1}
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ
لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
{سورة
الأحزاب:70-71}
إن أصدق الحديث
كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها
، وكل محدثة في الدين بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
أما
بعد:- قد امتن الله تعالى علينا أمة الإسلام ، بهذا الدين العظيم
، دين الإسلام ، الذي رضيه لنا ديناً، وفضله على سائر الأديان، وجعله خاتماً لها ومهيمناً
عليها، واختصه بفضائل عظيمة عما سواه، فقد جعله ديناً كاملاً، وأتم به النعمة على هذه
الأمة، وجعله سبباً لمغفرة الذنوب وحصول التقوى والخشية لله، ولن يقبل الله تعالى من
أحد ديناً سواه.
والدين الإسلامي
خير دين، وسهل يسير على البشر أجمعين، فإن أوامره سعادة ونواهيه منفعة، من إستمسك به
فقد علا، ومن فعل أوامره وترك نواهيه فقد فاز.
ولقد من الله على الأمة الإسلامية جمعاء ، بنعمة
من أجل النعم، وأعظمها، مؤسسة حملت لواء
الدعوة الإسلامية ،وتبليغ هذا الدين للعالمين
، متخذين التوسط في الدين سبيلا ومنهجا، فلا إفراط ولا تفريط ،ولا مغالاة ولا
تهاون ،مؤسسة جعلها الله رمزا للأمة الإسلامية، وقفت حاجزا صعبا، وحصنا منيعا،
أمام الدعوات المتطرفة، والمناهج الهدامة ،مقاومة ومدافعة عن الإسلام الحنيف ،كانت
هذه المؤسسة ،وستظل بإذن الله تعالى ،لواء الدين المدافع عنه، وشمس النهار المبلغة
للعالمين نور الإسلام دون ضعف أو تخاذل ،ودون تشدد أو مغالاة، المؤسسة التي نفذت
أمر نبيها محمد صلى الله عليه وسلم ،الذي بلغنا عنه، أنه
قال:{إن الدين يسر ،ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا ،واستعينوا
بالغدوة والروحة ،وشيء من الدلجة} فسددت وقاربت ،ونفذت
أمر نبيها، الذي قال فيه سيدنا صلى الله عليه وسلم:{بشرو
ولا تنفروا، ويسرو ولا تعسروا}لذا كان لزاما علينا،
أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا، نعلم الدنيا كلها ونعرفهم ونذكرهم ،بتلك النعمة
العظيمة ،نعرفهم دور تلك المؤسسة ،التي ظلت تدافع عن الإسلام والمسلمين ،حتى تقام
الحجة على المبطلين والمغالين ،ونعيد الحقوق إلى أصحابها ،نقف وقفة صادقة أمام
التاريخ ،ندافع عن هذه المؤسسة العظيمة ،لهذا كان عنوان بحثنا:{دور الأزهر في نشر المنهج الوسطي}.
وحتى تنكشف الحقيقة ، وتظهر كالشمس في وضح
النهار، فإن علينا قبل أن نذكر العالم كله بدور الأزهر في نشر المنهج الوسطي السمح،
أن نقرب لذهن القارئ، معاني ألفاظ هذا العنوان، علينا أولا: أن نعرف بالدور ،ونذكر العالم كله بتاريخ الأزهر، في لمحة تاريخية
مختصرة ،عن سيرته العطرة ،كمقدمة بسيطة ،لموضوع بحثنا، ثم نعرف القارئ على المنهج ،وما
هو التوسط وأهميته، وفائدته، حتى نستطيع أن نعيد الحقوق كاملة ،إلى تلك المؤسسة
العريقة ،قدر المستطاع، سائلين الله تعالى التوفيق والسداد، وأن ينفع بهذا البحث،
وأن ينصر الأزهر على الدعاوى المتطرفة، التي خربت على الناس دينهم ،وأن يعلي دينه
على كل دعوة باطلة.
تعريف الدور
جاء في معجم
المعاني الجامع بتصرف أن من معاني الدور في اللغة:-
دَوْر:
( اسم ).
دَوْر
: مصدر دارَ.
والدَّوْرُ
: مهمَّة ووظيفة .
قام
بدور / لعب دورًا : شارك بنصيب كبير.
والدَّوْرُ
( عند المناطِقة ) : توقف كل من الشيئين على الآخر.
مصدر دارَ / دارَ
بـ / دارَ على.
معنى المنهج
جاء
في معجم المعاني الجامع بتصرف أن معنى كلمة مَنهَج: ( اسم )
الجمع
: مَناهِجُ و مَناهيجُ .
مَنْهَج / مِنْهَج
.
مِنْهاج:-
طريق واضح .
منهاج:-
وسيلة محدّدة توصِّل إلى غاية معيَّنة .
المنهج
العلميّ : خُطَّة منظّمة لعدَّة عمليّات ذهنيَّة أو حسيَّة بُغية الوصول
إلى كشف حقيقة أو البرهنة عليها.
مناهج
التَّعليم : برامج الدِّراسة ، وسائله وطرقه وأساليب. انتهى.
وجاء
في مجلة البحوث الإسلامية:- بالنظر في قواميس اللغة
لكلمة (منهج) نجد أنها
تدل على الطريق الواضح المستقيم .
قال
ابن فارس : (النون والهاء والجيم
أصلان متباينان ،
الأول
: النهج : الطريق ، ونهج لي الأمر : أوضحه
وهو مستقيم المنهاج . . . ) .
وقال
في الصحاح : (النهج : الطريق الواضح ، وكذا المنهج والمنهاج ، وأنهج
الطريق أي استبان ، وصار نهجا واضحا بينا ، ونهجت الطريق إذا أبنته وأوضحته) .انتهى.
ومعنى المنهج عند فلاسفة اليونان:-
الطريقة التي ينهجها
الفرد حتى يصل إلى هدف معين.
تعريف
المنهج في الاصطلاح : جاء في مجلة البحوث الإسلامية:-
نستطيع
أن نستشف تعريفا للمنهج، من خلال ما سبق، من تعريفه في اللغة، فنقول : إن المنهج هو مجموعة
الركائز والأسس المهمة، التي توضح مسلك الفرد أو المجتمع أو الأمة ،لتحقيق الآثار التي
يصبو إليها كل منهم .
ومن
خلال الاستقراء في المناهج عامة نجد أنها قسمان : صحيحة وفاسدة ،
والذي يهمنا هنا الأول، وهو المنهج الذي يتخذ من الكتاب والسنة ،أصولا يعتمد عليها
، وهذا هو محور الحديث عن المنهج الذي نريده .انتهى.
ومعنى المنهج في القرآن الكريم:-
قال
تعالى:(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا): (المائدة48).
بمعنى الطريق الواضحة
التي لا لبس فيها ولا غموض.
ومعنى المنهج في السنة النبوية:-
وقد
ذكر ابن عباس رضي الله عنهما قوله: “لم يمت رسول الله
(ص) حتى ترككم على طرق ناهجة” أي:- طريق واضحة.
إن كلمة منهاج
الواردة في الآية الكريمة، وفي قول ابن عباس رضي الله عنه ،تعني:- الطريق الواضح، وناهجة تعني:-
واضحة.
أما عن التوسط:- فإننا قبل أن نعرف به ،علينا أولا:- أن نلقي نظرة على المناهج الأخرى.
مثل:- المنهج المغالي ،والمنهج المتهاون ،ونفرق
بينهما، ونتعلم سلبيات وإيجابيات كل منهما ،ثم نعرف بالمنهج الوسطي ،ونشرح أهميته،
وفائدته ،ونفرق بينه وبين المناهج الأخرى.
التعريف بالمنهج المتهاون أو
المفرط في الدين
بالنظر في معاجم اللغة نجد أن كلمة
تهاون تدل على المصطلحات الآتية:-
إهمال , إِبْطاء
, تَأَخُّر , تَخَلُّف , تَراخٍ , تَفْريط , تَقَاعُس , تَقْصِير , تَمَهٌّل , تَوانٍ
, فُتُور ، إغْفال , إِحْتِقار , إِزْدِراء , إِسْتِحقار , إِسْتِخْفاف , إِسْتِصْغار
, إِسْتِهَانة , إِسْتِهْتار , إِمْتِهان , إِهمالٌ , تَراخٍ , تَفْرِيط , تَقْصِير
, تَكاسُل , كَسَل.
من هذا يتبين لنا أن صاحب المنهج
المفرط نجده يقوم بالأفعال الآتية:-
أَهْمَلَ , تجاوَزَ
, تَأَنَّى , تَجاهَلَ , تَرَاخَى , تَسامَحَ , تَسَاهَلَ , تَعَامَى , تَغافَلَ ,
تَغَابَى , تَغَاضَى , تَنَاسَى , تَوانَى , ضَعُفَ , عَفَا , غَضَّ الطرف , فَتَرَ
, فَرَّطَ , قَصَّرَ , لَها ، أَبْطَأَ , تَأَخَّرَ , تَخَلَّفَ , تَرَاخَى , تَرَيَّثَ
, تَقاعَسَ , تَكَاسَلَ , تَلَكَّأَ , تَوانَى , قَعَدَ , هَفَا , وَنَى ، اِسْتَخَفَّ.
مما سبق يتبين لنا أن التهاون
والتفريط مصطلح يعني في اللغة:-
مصدر
قولهم: فرّط في الأمر يفرّط بمعنى:-
قصّر، وهو مأخوذ من مادّة (ف ر ط) الّتي تدلّ على:- إزالة
شيء عن مكانه، وتنحيته عنه. يقال: فرّطت عنه ما كرهه،
أي نحّيته، هذا هو الأصل.
{انتهى من
مقاييس اللغة}
والتهاون
لغة:
مصدر
قولهم: تهاون بالشّيء استحقره فرآه هيّنا، وهو مأخوذ من مادّة (هـ ون) الّتي تدلّ على السّكون
ونحوه.
{مقاييس اللغة لابن
فارس}.
الهون:
مصدر هان عليه الشّيء أي خفّ، وهوّنه الله عليه سهّله وخفّفه،
والهون (بالضّمّ) :
الهوان، وأهانه استخفّ به، والاسم من ذلك: الهوان والمهانة،
يقال: رجل فيه مهانة أي ذلّ وضعف، واستهان به مثل تهاون به أي استحقره.
{الصحاح}
وهوّنه:-
(أيضا) أهانه، وقولهم: هو هيّن وهين: ساكن
متّئد، وقيل: المشدّد (هيّن) من الهوان، والمخفّف (هين) من اللّين، وعلى هونك أي على رسلك، وهو يهاون نفسه: يرفق بها.
القاموس المحيط.
وقول
الله تعالى:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.
المعنى:-
تحسبون ما خضتم فيه في الإفك شيئا يسيرا، لا يلحقكم فيه إثم
،وهو عند الله في الوزر عظيم.
{تفسير القرطبي}.
في الحديث:«ليس المؤمن بالجافي
ولا المهين» يروى:- بفتح
الميم وضمّها فالفتح:- من المهانة (أي:- الذّل والاحتقار) ،
والضّم:- من الإهانة، وهي:-
الاستخفاف بالشّيء والاستحقار
له، يقال: إنّه يهون عليّ هونا
وهوانا، قال ابن برّيّ: الهون: هوان الشّيء الحقير
الهيّن الّذي لا كرامة له، ويقال: إنّه ليأخذ في أمره
بالهون أي بالأهون.
قال
بعضهم:-
{العرب تمدح بالهين
اللّين، وتذمّ بالهيّن اللّيّن}
{لسان العرب}.
التهاون
اصطلاحا:-
لم تذكر كتب المصطلحات
الّتي وقفنا عليها تعريفا للتّهاون، ومن ثمّ يكون باقيا على أصل معناه في اللّغة، ونستطيع
أن نعرّفه في ضوء ما ذكره المفسّرون واللّغويّون بأنّه:- استحقار
الشّيء والاستخفاف به، والتّفريط في أدائه على الوجه الصّحيح.
معنى التفريط في الدين والتهاون
فيه
مما سبق يتبين لنا:- أن التفريط في الدين ،والتهاون فيه، يتمثل في:- التغافل عن أداء الفرائض، وغض النظر عن النوافل ،إما
كسلا أو عمدا ،مما يعرض صاحبه إلى غضب الله وعقابه.
بالنظر إلى هذا التعريف:- نجد أن
التفريط والتهاون في الدين:- شر كله، لا إيجابية فيه، نهانا ديننا عنه ،وعن
ضده ،وأمرنا بالتوسط والإعتدال.
تعريف الإفراط في اللغة:-
بالنظر إلى معاجم اللغة فإننا نجد
مصطلح الإفراط يدل على:-
إسْراف , زِيَادَة
, شَطَط , غُلُوّ , مُبالَغَة ، إغْرَاق , إِمْعَان , تَجَاوُز , مُغَالاَة.
من
هذا يتبين لنا كما جاء في لسان العرب:-
الإفراط:
إعجال الشّيء في الأمر قبل التّثبّت.
يقال:
أفرط فلان في أمره أي: عجل
فيه. وفرط الشّهوة والحزن: غلبتهما، وأفرط عليه: حمّله فوق ما يطيق، وكلّ شيء جاوز قدره فهو مفرط.
والفرط: الحين، وقيل:الفرط
أن تأتيه في الأيّام، ولا تكون أقلّ من ثلاثة، ولا أكثر من خمس عشرة ليلة. انتهى.
تعريف الإفراط إصطلاحا:-
مجاوزة الحد والإسراف في الفعل.
معنى الإفراط والغلو في الدين
مما سبق يتبين لنا أن كلمة الغلو
تدل على:- تجاوز حد الاعتدال، سواء كان في العقيدة، أو في الفكر، أو
في السلوك.
وجاء
في مجلة البحوث الإسلامية:- الغلو في الحقيقة: أعلى مراتب الإفراط
في الجملة.
من هذا يتبين لنا:- أن الإفراط مثل التفريط كلاهما شر علينا
إجتنابه.
الفرق بين الإفراط والتفريط
من يقرأ معاني الإفراط والتفريط ،يلاحظ
الفرق الشاسع بين الإفراط والتفريط وهو:-
أن الإفراط يستعمل
في تجاوز الحد من جانب الزيادة والكمال، والتفريط، يستعمل في تجاوز الحد من جانب النقصان
والتقصير.
{كتاب التعريفات
للجرجاني}.
وبعد أن وضح لك أيها القارئ الحبيب معنى الإفراط
والتفريط، والفرق بينهما ،أقرب لك معنى الوسطية والإعتدال.
تعريف
الوسطية
معنى
الوسطية لغة وشرعا :-
أولا
: معنى الوسطية لغة :-
الوسطية:
مأخوذة من مادة وسط ، وهى كلمة تدل على العدل والفضل والخيرية،
والنصف والتوسط بين الطرفين .
يقول
ابن فارس : " الواو والسين
والطاء بناء صحيح يدل على العدل والنصف ، وأعدل الشيء : أوسطه
ووسطه "
.
ويقول
ابن منظور : " وسط الشيء وأوسطه
: أعدله " .
ثانيا
: الوسطية في الشرع :-
جاءت
الوسطية في الشرع بمعنى:- العدالة والخيرية ، والتوسط بين الإفراط والتفريط
، كما في قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً
وَسَطًا} .
يقول
ابن جرير الطبري : " الوسط هو الجزء الذي بين الطرفين ، مثل وسط الدار
، وقد وصف الله هذه الأمة بالوسط ؛ لتوسطها في الدين "
.
وجاء
في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :{إن في الجنة مائة
درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ،
فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ؛ فإنه أوسط الجنة أو أعلى الجنة . . . " .
يقول
الحافظ ابن حجر : قوله : أوسط الجنة أو أعلى الجنة ، المراد بأوسط هنا : الأعدل والأفضل ، كقوله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} .
فالوسطية
في الشرع تعني:- الاعتدال والتوازن بين أمرين أو طرفين، بين إفراط
وتفريط ،أو غلو وتقصير ، وهذه الوسطية إذن هي العدل، والطريق الأوسط الذي تجتمع عنده
الفضيلة .
وأهل السنة والجماعة
يتميزون بالوسطية والاعتدال، بين الفرق الأخرى، التي تقف على طرفي نقيض ، فتجد إحداهما
في أقصى اليمين مثلا، وتقف الأخرى في أقصى اليسار ، وتظهر هذه الوسطية في أبواب الاعتقاد
ومسائله بعامة ، وأهل السنة والجماعة في بحثنا
هذا وسط بين القدرية الذين لا يؤمنون بقدرة الله الكاملة ، ومشيئته - سبحانه وتعالى
- الشاملة ، وخلقه لكل
شيء ، وبين الجبرية
الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عمل ، فيعطلون الأمر والنهي والثواب
والعقاب.
{مجلة
البحوث الإسلامية}.
أهمية الوسطية في الإسلام
الوسطية خاصة مميزة
،من أبرز خصائص ومميزات الإسلام، وهي وسام شرف الأمة الإسلامية، بهذه الوسطية استحقت
أمة الإسلام أن تكون شهيدة على الناس من حيث لا تشهد عليها أمة أخرى.
قال
الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} .
وإذا كانت الشهادة
في أمر عادي لا تصلح إلا ممن كان عدلا تتوفر فيه شروط العدالة من العقل والصدق والأمانة
ومكارم الأخلاق، فكيف الأمر بمن يكون شهيدا على الناس جميعا؟
يقول
أحد الباحثين عن هذه الوسطية التي قصد بها الشهادة:- ولنقف عند هذه
الوسطية التي قصد بها الشهادة، لنستجلي منها الأمور التالية: -
1 –
إن الشهادة في أمر عادي، تقتضي عدالة الشاهد الذي لا بد
أن يكون عاقلا عالما بما يشهد به صادقا… إلخ، فكيف الأمر بمن يكون شاهدا على الناس
كل الناس؟
2 – إن هذه الشهادة
تثير في نفس الشاهد الاعتزاز والشعور بالكرامة، والمسؤولية والثقة في آن واحد.
3 – إن هذه الشهادة
وإن كانت في الأخرى فهي أيضا لا بد أن تبدأ من الدنيا، بحيث تتوافر لدى الأمة الوسط
الشاهدة أكرم السجايا وأجل المزايا، إذ لا يعقل أن يتخلف الشاهد عن مستوى المشهود عليه.
4 – إن هذه الشهادة
تلقي على أصحابها مسؤولية إنقاذ البشرية، فهم أصحاب الوسط السوي، وهم الشهداء المكلفون
بجلب الناس إلى هذا الطريق من مهالك الإفراط والتفريط، فالإنسان – أي إنسان – لا يمكن
أن يبقى محايدا في ظل انحرافات عن يمينه ويساره، وهو المختار وهو الشاهد على من حوله.
5 – إن التفريط
في هذا الواجب أو الإخلال به، أو التنازل عنه يعني:
فقدان الوسطية، وحرمان الشهادة، وتضييع سمعة وشعار وسم الله به هذه الأمة، وجعله شعارا
تتميز به في كل أمور حياتها.
إن الأمة
الإسلامية هي أمة الوسط بكل معاني الكلمة: شرفا وإحسانا،
وفضلا وتوازنا، واعتدالا وقصدا، وعقيدة ولفظا، وشريعة ومنهجا، وموقعا تاريخيا.
إنها الأمة التي
تشهد على الناس جميعا، فتقيم بينهم العدل والقسط، وهي شهيدة على الناس، والرسول صلى
الله عليه وسلم هو الذي يشهد عليها، ويقرر لها بإذن ربه موازينها وقيمها،
ويحكم على أعمالها،
وتقاليدها، ويزن ما يصدر عنها، ويقول فيها الكلمة الأخيرة.
لقد كان السلف
الصالح من هذه الأمة الشهيدة على الناس، أشد الناس تصورا للتوسط، وفهما للشريعة والعقيدة
على هذا الأساس الراسخ، لما كانوا في حياتهم اليومية أكثر الناس تمسكا بهذا الأصل،
وهو التوسط بلا غلو ولا انحلال، تشهد على ذلك سيرتهم وحياتهم من أخذ بأصول الخلاف العلمي
وأدبه، وبالخلق الإسلامي الرفيع.
والواقع أننا إذا
فهمنا أمر الوسطية في الإسلام فهما سليما شاملا، ثم دققنا النظر في جزئياتها، ودرسناها
جزئية، لوجدنا أنها تشمل الحياة في كل جوانبها ومعانيها، وأنها تترك آثارها في نفسية
المسلم الحق، في كل جوانبها ومعانيها، فيشعر دائما بالعزة بالله من جانب، والتواضع
له ثم لعباده، والمسؤولية أمامه من جانب آخر، وبالتالي فهي تترك آثارها في الأمة الإسلامية
جمعاء، رفعة ودماثة
وحلما بشكل يمكن لحضارتها من الانتشار والازدهار فضلا عن ما كونته هذه الوسطية للأمة
الإسلامية من محورية في البشرية كافة، استقطبت المواهب والكفاءات والخبرات، وجزت عنها
أكرم الجزاء، ووظفتها للنفع العام الذي وجه الإسلام إليه.
وهكذا نالت مزيتها،
وحازت جدارتها الفذة، التي ترتبت عليها وانبثقت عنها صدارتها في الوجود الإنساني، ومسؤوليتها
عن ريادة البشرية، وبذل عطاء الإسلام هداية ودراية ونعمة ورحمة للعالمين .
{انتهى من موقع السكينة}.
وقال الدكتور بسام الصباغ:-
مِنْ أَهمِّ صفاتِ
الدَّعوةِ الإسلاميَّةِ الوسطيَّةُ ، وهي من خصائصِ الإسلام البارِزة ، وهي العلاجُ
الشَّافي لحالاتِ الانحرافِ والالتواءِ والتَّطَرُّفِ ومظاهرِه ، والتَّفْرِيطِ وسماتِه
، الَّتي جَنَتْ على الأمَمِ الغابرةِ والحاضرةِ ، فما دخل التَّطرُّفُ والتَّفرِيطُ
في شيءٍ إلا حادَ به عن الفطرةِ السَّليمةِ
، والعقلِ الرَّشيدِ ، والمنهجِ السَّويِّ ، فالغُلُوُّ والتَّقصيرُ ، والإفراطُ والتَّفريطُ
، والجُمُودُ أو التَّساهُل ، والتَّحَجُّرُ أو التَّسيُّبُ ، أَخْطُرُ الأمراض الَّتي
تجتاحُ المجتمعاتِ والعَقَائدَ ، فَتُفْسِدُ الحَيَاةَ ، وتميتُ عَقْلَ الإنسانِ ،
وفطرتَهَ السَّليمةَ .
ولهذا وصِفت الدَّعوةُ
الإسلاميَّة بالوسطيَّة ، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن
يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً
إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ
اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)
[البقرة:2/143]
، فالإسلام يوازن باعتدال بين متطلَّبات الجسد والرُّوح ، والدُّنيا والآخرة
، قال تعالى: ( وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:2/201]
.انتهى
و
" الوسطية " إحدى الخصائص العامة للاسلام ، وهي احدى المعالم
الاساسية التي ميز الله بها امته عن غيرها (( وكذلك جعلنكم
أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )) " البقرة : 143" ، فهي أمة العدل
والاعتدال ، التي تشهد في الدنيا والآخرة على كل انحراف يمينا او شمالا عن خط الوسط
المستقيم .
النصوص
الشرعية تعبر عن التطرف ب ـ " الغلو " ...
والنصوص الإسلامية
تدعو الى الاعتدال ، وتحذر من التطرف ، الذي يعبر عنه في لسان الشرع بعدة ألفاظ منها
: " الغلو "
و " التنطع "
و " التشدد "
.
والواقع أن الذي
ينظر في هذه النصوص يتبين بوضوح أن الإسلام ينفر أشد النفور من هذا الغلو ، ويحذر منه
أشد التحذير .
وحسبنا
أن نقرأ هذه الأحاديث الكريمة ، لنعلم إلى أي حد ينهى الإسلام عن الغلو ، ويخوف من
مغبته :-
1. روى الامام أحمد
في مسنده والنسائي وابن ماجة في سننهما ، والحاكم في مستدركه عن ابن عباس رضي الله
عنه أن النبي (عليه الصلاة والسلام ) قال : " إياكم
والغلو في الدين ، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين
".
(قال
شاكر : إسناده صحيح).
والمراد
بمن قبلنا : أهل الاديان السابقة ، وخاصة أهل الكتاب ، وعلى الأخص : النصارى ، وقد خاطبهم
القرآن بقوله : (( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم
قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل (77) )) " المائدة :
77" ، فنهانا أن نغلو كما غلوا ، والسعيد من اتعظ بغيره .
2. وروى مسلم في
صحيحه عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم
) " هلك المتنطعون " قالها ثلاثا . ( رواه
مسلم ، ونسبه السيوطي اإلى أحمد و أبي داود أيضا )
.
قال
الامام النووي : أن المتعمقون المجاوزن الحدود في أقوالهم وأفعالهم
.
ونلاحظ أن هذا
الحديث والذي قبله جعلا عاقبة " الغلو و التنطع
" هي الهلاك ، وهو يشمل هلاك الدين والدنيا ،
وأي خسارة أشد من الهلاك ، وكفى بهذا زجرا .
3. وروى أبو يعلى
في مسنده عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم
) كان يقول : " لا تشددوا على انفسكم ، فيشدد عليكم ، فإن قوما شددوا على
أنفسهم ، فشدد عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات : ( رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم )
( ذكره ابن كثير تفسير
سورة الحديد ) .
ومن أجل ذلك قاوم
النبي (صلى الله عليه وسلم ) كل اتجاه ينزع إلى الغلو
في التدين ، وأنكر على من بالغ من أصحابه في التعبد والتقشف ، مبالغة تخرجه عن حد الاعتدال
الذي جاء به الاسلام ، ووازن به بين الروحية والمادية ، ووفق بفضله بين الدين والدنيا
، وبين حظ النفس من الحياة وحق الرب في العبادة ، والتي خلق لها الإنسان .
فقد شرع الإسلام
من العبادات ما يزكي نفس الفرد ، ويرقى به روحيا وماديا ، وما ينهض بالجماعة كلها ،
ويقيمها على أساس من الأخوة والتكافل ، دون أن يعطل مهمة الإنسان في
عمارة الأرض فالصلاة
والزكاة والصيام والحج ، عبادات فردية واجتماعية في نفس الوقت ، فهي لا تعزل المسلم
عن الحياة ولا عن المجتمع ، بل تزيده ارتباطا به ، شعوريا وعمليا ، ومن هنا لم يشرع
الإسلام " الرهبانية " التي تفرض على الانسان
العزلة عن الحياة وطيباتها ، والعمل لتنميتها وترقيتها ، بل يعتبر الأرض كلها محرابا
كبيرا للمؤمن ، ويعتبر العمل فيها عبادة وجهادا ، اذا صحت فيه النية ، والتزمت حدود
الله تعالى .
ولا يقر ما دعت
اليه الديانات والفلسفات والأخرى من إهمال الحياة المادية لأجل الحياة الروحية ، ومن
حرمان البدن وتعذيبه حتى تصفو الروح وترقى ، ومن إهدار شأن الدنيا من أجل الآخرة ،
فقد جاء بالتوازن في هذا كله (( ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة ) " البقرة : 201" ( اللهم أصلح لي ديني الذي هو
عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ) ( رواه مسلم في صحيحه )
" إن لبدنك عليك حقا " ( متفق عليه).
لقد أنكر القرآن
، بل شدد النكير ، على أصحاب هذه النزعة في تحريم الطيبات والزينة التي أخرج الله لعباده
، فقال تعالى في القرآن المكي : (( يبنى ءادم خذوا زينتكم
عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (31) قل من حرم زينة الله
التي أخرج لعباده والطيبت من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم
القيامة كذلك نفصل الأيات لقوم يعلمون (31) ))
(الأعراف
: 31 - 32 )
وفي
القرآن المدني يخاطب الجماعة المؤمنة بقوله : (( يأيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات
ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (87) وكلوا مما رزقكم الله حلالا
طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون (88) ))
"
المائدة : 87-88" .
وهاتان الآيتان
الكريمتان تبينان للجماعة المؤمنة حقيقة منهج الإسلام في التمتع بالطيبات ، ومقاومة
الغلو الذي وجد في بعض الأديان ،
وفي
الصحيحين عن عاشئة رضي الله عنها : أن ناسا من أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) سألو أزواج النبي
( عليه السلام ) عن عمله في السر ، فكأنهم تقالوها
( أي: عدوها قليلة )
فقال بعضهم: لا آكل اللحم .. وقال بعضهم : لا أتزوج النساء .. وقال بعضهم : لا أنام على فراش ، فبلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال
" ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا ، لكني أصوم وأفطر ، وأنام و أقوم
، وآكل اللحم ، واتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وسنته - عليه الصلاة والسلام -
تعني منهجه في فهم الدين وتطبيقه وكيف يعامل ربه عز وجل ويعامل نفسه وأهله والناس من
حوله معطيا كل ذي حق حقه ، في توازن واعتدال
.
{انتهى من موقع الصوت}
أهداف
الوسطية في الإسلام
تهدف
الوسطية في الإسلام إلى عدة أمور منها:
1 –
نشدان الحقيقة المجردة بعيدا عن الأهواء والأمزجة والآراء،
والرجوع إلى الحق طبقا لما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان
عليه السلف الصالح من هذه الأمة.
2 –
تهدف الوسطية في الإسلام إلى تحقيق مبدأ تيسير الدين الإسلامي،
فقد بني الدين الإسلامي على اليسر الذي يعتبر خاصة من خصائصه وميزة من مميزاته التي
اختلف بها عن سواه من الأديان، إذ كان من حكمة بعث محمد صلى الله عليه وسلم رفع الإصر
والأغلال الواقعة بالأمم من قبلنا، قال تعالى: {الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ
فِي التَّوْرَاةِ
وَالْإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ
الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا
النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وقال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ
الْعُسْرَ}.
وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :{إن الدين يسر، ولن يشاد
الدين أحد إلا غلبه}.
وعن
أبي هريرة رضي الله عنه قال:{قام أعرابي فبال في المسجد
فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : دعوه، وهريقوا على بوله سجلا من
ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين} .
في هذا
الحديث:- يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم:- أن عملهم في سب
الرجل والوقوع فيه من باب التشدد المخالف لسماحة الإسلام ويسره.
3 –
ومن أهداف الوسطية في الإسلام:- رفع الحرج، والحرج هو: ( كل ما أدى إلى مشقة زائدة في البدن أو النفس
أو المال حالها أو مالها ).
وقد
ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات الكريمة:- التي فيها النص
على نفي الحرج عن هذا الدين، قال تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ }.
{انتهى من موقع
السكينة}.
ضوابط الوسطية في الإسلام
وتتمثل ضوابط الوسطية في الإسلام
فيما يلي:-
1. الفهم الشمولي
التكاملي للإسلام.
2. الإيمان بمرجعية
القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة للتشريع والتوجيه.
3. ترسيخ المعاني
والقيم الربانية.
4. فهم التكاليف
والأعمال فهما متوازنا، يضعها في مراتبها الشرعية ،وينزل كل تكليف منزلته.
5. تأكيد الدعوة
إلى تجديد الفقه القرآني والنبوي.
6 .
التركيز على القيم الأخلاقية التي عني بها الإسلام.
7.تجديد الدين من
داخله وإحياء مبدأ الاجتهاد.
8. الموازنة بين ثوابت
الشرع ومتغيرات العصر.
9. تبني منهج التيسير
والتخفيف في الفقه والفتوى.
10.
تطوير مناهج الدعوة إلى الإسلام للمسلمين وغيرهم، مع تبني
منهج التبشير في الدعوة ليتكامل مع التيسير في الفتوى.
{انتهى من موقع السكينة}.
الفرق بين الوسطية والتطرف
التطرف
مشتق من:- الطرف. وهو: ناحية الشيء
القصوى من إحدى الجهتين.
والوسطية لزوم
الوسط.
والاعتدال
هو:- الاستقامة على الشيء والتوازن في الأمر ،وهو مأخوذ من اعتدال
المتاع على الدابة، وتعادل العدلين المحمولين في جانبيها.
والتطرف في الدين
مذموم من كلا الجانبين، فالإفراط مذموم والتفريط مذموم، فقد حرم الله الغلو والتنطع
في الدين، قال الله تعالى: {لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ
تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ}
[النساء:171]، وفي الحديث: إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم
بالغلو في الدين.
{رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني}.
وفي
الحديث:{هلك المتنطعون قالها ثلاثاً}.
{رواه مسلم}.
وقد حرم الله التساهل
في الدين واقتراف المحرمات، وكره إلى المؤمنين الكفر والفسوق والعصيان، وتوعد الفساق
بالنار، فقال:{ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ
النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ
ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ}
[السجدة:20].
وأما
الوسطية فهي:- إحدى خصائص هذا الدين الإسلامي، فهو وسط بين
الإفراط والتفريط وبين التشدد في العبادات والمروق من الدين بدعوى الترخصات، وسط في
المعاملات، وسط في الإنفاق بين الإسراف والبخل، وسط في النكاح بين من أباحوا نكاح المحارم
ومن منعوا نكاح القرائب كبنات العم وبنات الخال، وسط بين من غلوا في الإثبات فشبهو
الله بالخلق وبين من غلو في النفي فنفوا الصفات.
{إنتهى من فتاوى إسلام ويب}.
مما سبق يتضح
لنا أن الوسطية ضرورية من أهم الضرورات في حياتنا اليومية لأن فوائدها عظيمة على
الناس أجمعين.
مما
سبق يتضح لك أيها القارئ الكريم:- أن موضوع بحثنا سيتركز على: المهمة
والوظيفة التي شارك بها الأزهر الشريف في اتخاذ الطريق الواضح، الذي لا لبس فيه،
في تحديد الأسس والركائز ،التي بنى على أساسها هدفه، إقامة العدالة، والتوسط
والموازنة بين الإفراط والتفريط، والدعوة إلى الإسلام السمح المعتدل، الذي لا غلو
فيه ولا تهاون ،ولكن قبل ذلك أيها القارئ الحبيب:- لا
بد أن أمهد لك أولا ،بنبذة تاريخية عن الأزهر الشريف، حتى تعرف أهميته ،وتكون
مستعدا ،ومنتبها ،لتلقي الدور الذي قام به الأزهر الشريف، في نشر المنهج الوسطي.
نبذة
مختصرة عن تاريخ الأزهر الشريف
الجامع
الأزهر: 359-361 هجرية = 970-972م.
عندما تم فتح مصر على يد جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر،
وبعدما أسس مدينة القاهرة ،شرع فى شهر جمادى الأول سنة 359 هجرية = 970م فى إنشاء الجامع الأزهر وأتمه فى شهر رمضان سنة
361 هجرية = 972م فهو بذلك أول جامع أنشى فى مدينة
القاهرة ،وهو أقدم أثر فاطمى قائم بمصر.
وقد اختلف المؤرخون
فى أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء
بنت الرسول وإشادة بذكراها.انتهى.
وجاء
في الموسوعة العربية العالمية:- جامعة الأزهر مؤسسة تعليمية
وضع أساسها بالقاهرة جوهر الصِّقليّ (إلياس الصقلي) القائد الفاطمي في الرابع عشر من رمضان عام 359هـ، 970م.
واستغرق بناء جامعها الأساس نحو العامين، وأُقيمت فيه الصلاة لأول مرة في السابع من
رمضان عام 360هـ، الثاني والعشرين من يونيو عام 971م، وهو ما عُرف بالجامع الأزهر الشريف،
نسبة إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
لم يسرع
الفاطميـون بدفع الأزهر إلى غايته التي أُنشـئ من أجلها وهي: نشر الفقه الشيعي
والدعوة الشيعية ومنافسـة الجوامـع المصريـة السنيــة مثـل جامـعي عمرو ابن العاص وابن
طولون، اللذين كانت تُعقد فيهما الحلقات الدراسية الكبرى، بل اكتفوا بجعله مسجدًا رسميًا
يقوم في عاصمة ملكهم الجديدة. وتُلقى من فوق منبره خطبة الجمعة التي كانت بمثابة برنامج
الدولة الرسمي، وقصروا الدعوة إلى مذهبهم وأهدافهم السياسية على مجالس خاصة. وعندما
توطدت دعائم الحكم الفاطمي بمصر اهتم الخلفاء الفاطميون بالأزهر، وفتحت أبوابه لدراسة
العلوم الدينية والعقلية في عهد الخليفة العزيز بالله (365
- 386هـ ,976 - 996م)، وأنشأ به ملجأ للفقراء
يسع خمسة وثلاثين شخصًا. واستجلبوا له خيرة فقهاء وعلماء الدعوة الشيعية وقضاتها، وأغدقوا
عليهم المال، ونقلوا إليه كثيرًا من الكتب، وشجعوا طلاب العلم من البلاد الإسلامية
الأخرى للالتحاق به. وكانوا بين الحين والآخر يجرون توسعًا في مبانيه للدراسة وأروقة
للطلاب ومساكن للأساتذة. وخصصوا أموالاً ثابتة للإنفاق على الجامع الأزهر، كما أسهم
كثير من رجال الدولة والأمراء وأهل البر في تخصيص جزء من أموالهم لتنفق على الطلاب
والأساتذة وبقية شؤون الأزهر، الذي اشتهر نتيجة لهذا الاهتمام، وارتبط اسمه برسالة
العلم وأصبح جامعة كبيرة.
تغير حال الأزهر
على عهد الأيوبيين؛ إذ كانوا من أهل السنة، ولذا حاولوا محو كل أثر للفاطميين الشيعة،
فمنع صلاح الدين الأيوبي الخطبة من الجامع الأزهر، وقطع عنه كثيرًا مما أوقفه عليه
الحاكم بأمر الله؛ فأُهملت الدراسة فيه، وعُطِّل نشاطه، وعلى الرغم من ذلك، ظلت أبوابه
مفتوحة، يُدرَّس فيه الفقه السني على المذاهب الأربعة، وكان مسرحًا لنشاط بعض أعلام
الفكر والأدب في أواخر العهد الأيوبي.
استعاد الأزهر
مكانته من جديد في عهد المماليك (648 - 922هـ ،1250 - 1517م)؛ فقد زاد الملك
الظاهر بيبرس المملوكي في بنائه وشجع التعليم فيه وأعاد الخطبة إليه عام 665هـ،
1267م. وحذا حذوه كثير من الأمراء، فذاع صيته، وأَمَّهُ طلاب العلم والعلماء من كل
أنحاء العالم الإسلامي، وزاد في مجده أن غزوات المغول في المشرق الإسلامي قضت على معاهد
العلم هناك، وأن الأمة الإسلامية بالمغرب أصابها التفكك مما أدى إلى إهمال مدارسها
الزاهرة.
وبنى الأمير طيبرس
المدرسة الطيبرسية بالقرب من الأزهر عام 709هـ ،
1309-1310م، وبنى الأمير أقنعا عبد الواحد المدرسة
الأقنعاوية كذلك بالقرب منه عام 740هـ ،1340م. وقد
ألحقت هاتان المدرستان بالأزهر فيما بعد، ومازالتا جزءًا منه إلى اليوم.
وجدد الطواشي بشير
الجامدار الناصري بناء المسجد وزاد فيه حوالي عام 761هـ ،1360م.
وكان قايتباي أكثر الحكام رعاية للجامع الأزهر في القرن التاسع الهجري، الخامس عشر
الميلادي، فقد
أكمل ما زاده في بناء المسجد عام 900هـ ، 1494م، وأقام
منشآت للفقراء والعلماء.
أفل نجم الأزهر
قليلاً في العهد العثماني (923 - 1220هـ ، 1517 - 1805م) ومع ذلك، فقد سجل
التاريخ بعض مظاهر الاهتمام العثماني بالأزهر؛ فقد بنى عثمان كتخذات القزدوغلي (قاصد أوغلي) زاوية ليصلي
فيها العميان، عُرفت بزاوية العميان، سنة 1148هـ ،
1735 - 1736م. وكان عبد الرحمن كتخذات (توفي 1190هـ ، 1776م) من أكثر الناس اهتمامًا بالأزهر؛ فقد بنى مقصورة وأحسن
تأثيثها، وأقام قبلة للصلاة ومنبرًا للخطابة ومدرسة لتعليم الأيتام وصهريجًا للمياه.
ووصلت المباني الجديدة بين المدرسة الطيبرسية والأقنعاوية.
ونظر محمد علي
باشا وأسرته من بعده إلى الأزهر بوصفه مؤسسة مصرية مرهوبة الجانب؛ لما له من دور في
السياسة والشؤون العامة. وكانوا يسعون لإضعاف نفوذه، ولكنهم كانوا يضطرون لإجراء بعض
الإصلاحات فيه. وشهد الأزهر تطورًا وإصلاحًا كبيرًا منذ أواخر القرن الثالث عشر الهجري،
التاسع عشر الميلادي.
النظم
الداخلية للجامع الأزهر
عُرف طلاب العلم
الذين يؤمون الأزهر بالمجاورين، يقيم بعضهم في المسجد والبعض الآخر خارجه، وينقسم الذين
يقيمون داخل المسجد إلى طوائف، بحسب البلدان التي يقدمون منها أو حسب المذهب الفقهي،
ولكل طائفة رِوَاق خاص بهم ملاصق للجامع. والأروقة حجرات يضع فيها الطلاب المجاورون
كتبهم ومتاعهم، وينامون فيها. ويوجد الآن ستة وعشرون رواقًا، منها:- رواق الصَّعَايدة ورواق مكة والمدينة ورواق الدَّكَارْنَة
ورواق الشَّوام ورواق المغاربة ورواق السِّناَّرِيَّة ورواق الأتراك ورواق البَرْنَاوِيّة
ورواق الجَبَرْتِ ورواق الحنفية ورواق الحنابلة.
كان على رأس الأزهر
في القرون الوسطى ناظر، ينتخب من بين كبار موظفي الدولة وكان لكل رواق شيخ، ولكل طريقة
صوفية نقيب، وأصبح له رئيس علمي (شيخ عموم) منذ العهد العثماني، وهو يرأس شيوخ الأقسام المختلفة ويتصل
بالحكومة مباشرة.
وقد عرف الأزهر
نظام العطلات، وأطولها العطلة التي تبدأ بشهر رجب وتنتهي بانتهاء أيام عيد الفطر، نحو
نهاية الأسبوع الأول من شوال. ويقوم مسؤول بتدبير الشؤون الإدارية التي من بينها إدارة
المكتبة وتوزيع الجراية (حصة الطعام) على الطلاب والمدرسين، يعاونه عدد من صغار الموظفين والخدم.
التعليم
بالأزهر
المتون
والحواشي:- كانت المتون والحواشي سائدةً في الأزهر، خلال العصرين المملوكي
والعثماني، ولم تكن للكتب الأمّهات وجود في أيدي الطلاب، ويبدو أن هذا كان النظام الشائع
السائد في سائر المدارس والمعاهد سواء في الأزهر، أم فيما سواه من المعاهد. ومن أهم
تلك المتون والحواشي، كتاب الأجرومية لمحمد بن داود الصنهاجي (ت733هـ ، 1332م) ومن شروحه: شرح الكفراوي (ت1202هـ ، 1786م) وشرح الأزهري (ت905هـ ، 1499م). ثم تلخيص المفتاح للقزويني (ت739هـ ، 1338م)، ومن شروحه، شرح
التفتازاني (ت791هـ ،
1389م)، ولكن الأمر الذي لا شك فيه أن الأساتذة المعلمين،
كانوا يطلعون على أمهات الكتب
في علوم العربية
والشريعة والعقيدة والمنطق والفلسفة، وكانت مكتبة الأزهر تلبّي احتياجات هؤلاء الأساتذة،
والنابهين الشغوفين بالمعرفة الواسعة من طلاّبهم.
تدريس
الفقه والعقيدة:- كانت المذاهب الفقهية الأربعة هي التي يتم بمقتضاها
تدريس الفقه والعقيدة، وينقسم الطلاب إلى مجموعات، حسب تلك المذاهب. وكان الطلاب الذين
يدرسون على المذهب الشافعي هم الكثرة الغالبة، يليهم المالكية فالأحناف والحنابلة.
بعض
أحوال الأساتذة:- كان للعلماء المجاورين
سلطان على طلابهم كسلطان الوالد على ولده، فالطلاب يحترمون شيوخهم كثيرًا إلى الحد
الذي يقبلون فيه أيديهم، ويحملون نعالهم، ويؤدون لهم مختلف الخدمات ويخاطبونهم بكلمة
¸مولانا· أو ¸أستاذنا·
أو ¸شيخنا·.
يلبس الشيوخ في
بعض المناسبات كساوي التشريف ليتميزوا بها. ويجلسون على مقاعد من الجريد أو الخشب،
أو يتربعون على حصير المسجد مسندين ظهورهم إلى الأعمدة أثناء إلقاء دروسهم. ويتحلق
الطلاب حول شيخهم للاستماع إلى شرح المتون، وأخذ مذكرات عنه بعد الدرس، والرجوع إلى
الكتب التي تكثر عليها الحواشي. ويستعينون على حفظ دروسهم بكتب منظومة شعرًا. وكانت
الامتحانات في العهد الأول إجازات يمنحها الشيوخ لتلاميذهم تدل على أن التلميذ قد أجاد
فنًا معينًا أو كتابًا يجيزه لتدريسه.
من علماء
الأزهر قديمًا:- ينبغي الإشارة هنا إلى أن منصب شيخ الأزهر لم
ينشأ إلا في العصر العثماني، وكان لقبه هو (شيخ عموم). وهذا المنصب كمنصب مدير الجامعة. وهو يرأس شيوخ الأقسام
المختلفة، وله مكانته الروحية والسياسية لدى الشعب والسلطة الحاكمة. وقد حفظ لنا الشيخ
عبد الرحمن الجبرتي (1168 - 1237هـ، 1754 - 1822م) أسماء بعض شيوخ
الأزهر منذ عام 1100هـ ، 1688م الذين كان يتم اختيارهم
من أئمّة علماء الأزهر. وأول من تولى المشيخة منهم: الشيخ محمد عبدالله الخرشي المالكي
(ت1101هـ، 1689م)، ثم الشيــخ محمـد النـشَـرْتي (ت1120هـ، 1708م).
ومن
أشهر علماء الأزهر:- وإن لم يتولوا منصب المشيخة، العز بن عبدالسلام
(ت660هـ، 1261م) الملقب بسلطان العلماء، وكان مرهوبًا مهيبًا مسموع الكلمة
لدى سلاطين المماليك، وجماهير الشعب.
ومن
هؤلاء العلماء:- ـ أيضًا ـ ابن
حجر العسقلاني (773 -
852هـ، 1371 -
1449م)، صاحب فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وكان
ـ كما وصفه السيّوطي ـ
إمام الحفّاظ في زمانه، وانتهت إليه الرحلة في الرئاسة والحديث، فلم يكن في عصره حافظ
مثله.
ومن
أشهرهم:- ـ أيضًا ـ كمال الدين الدّميري (750
- 808هـ، 1349 - 1405م)، كان من أساتذة
الأزهر في الحديث والفقه والتفسير والأدب. وهو ـ بعدُ
ـ مؤلف الموسوعة الشهيرة حياة الحيوان، أورد فيها أسماء
الحيوان، مرتبةً على الحروف الأبجديّة، يذكر فيها اسم الحيوان، ثم يتعرض للجوانب اللغوية
والعلمية.
من علماء
الأزهر حديثًا:- من العلماء الذين تقترن بأسمائهم حركة الصحوة
الشاملة، التي أحدثها الأزهر داخل مصر وخارجها، الجبرتي، مؤلف عجائب الآثار في التراجم
والأخبار، وقد ترجم فيه أحداث الحملة الفرنسية وعصر محمد علي. والكتاب ـ في مجموعه ـ وثيقة تاريخية
هامة، إذ كان الجبرتي
شاهد عصر، بالإضافة إلى ما اعتمده من روايات المتقدمين في السن والوثائق التاريخية،
وما وقع له من شواهد القبور. وقد كان والده عالمًا أزهريًا. ويعدُّ رفاعة الطهطاوي
(1216 - 1290هـ، 1801 - 1873م) من أبرز الريادات الفكرية المستـنيرة التي خرَّجها الأزهر،
وكان واعظـًا رافق البعثة العلمية التي أوفدها محمد علي إلى فرنسا، ولكنه تعلم الفرنسية
واطّلع على آدابها، وتأمل جوانب الحياة في المجتمع الفرنسي، وصار بعد ذلك داعية إصلاح
وتنوير في المجتمع المصري.
ويأتي الشيخ محمد
عبده (1266 - 1323هـ، 1850 - 1905م) في الطليعة من رواد حركة الإصلاح الشامل على أسس إسلامية.
وهو عالم أزهري، رافق جمال الدين الأفغاني، وأصدر معه مجلة العروة الوثقى، في باريس،
ونادى بإصلاح الأزهر، حتى صدر قانون إصلاح الأزهر عام 1313هـ، 1895م. وجدد أساليب الكتابة، ومناهج البحث في العلوم الإسلامية
والعربية، وشرح العديد من كتب التراث الأدبي مثل: مقامات الهمذاني، ونهج البلاغة.
الأزهر
وجامعته في العصور الحديثة
حفل التاريخ المصري
الحديث بجهود كبيرة لإصلاح الأزهر، وكان من أبرز المنادين بإصلاحه الشيخ محمد عبده.
فقد تقدم إلى الخديوي عباس الثاني بخطة إصلاح، ووفق في استصدار قانون تمهيدي في 17
رجب من عام 1312هـ، 15 يناير 1895م. وتألف مجلس لإدارة
الأزهر من كبار شيوخه الذين يمثلون المذاهب الأربعة. وعني المجلس بحركة الإصلاح التي
تمثلت في جعل مرتبات للشيوخ، واستصدار قانون لكساوي التشريف، واهتم بمساكن المجاورين
وتنظيم توزيع الأطعمة، وحدد العطلات وقصر أجلها، وأدخل بعض العلوم الحديثة، وعني بمكتبة
الأزهر، وأنشأ مكتباً في المعاهد الملحقة به.
قطع الإصلاح شوطًا
جديدًا تحت القانون رقم 10 لسنة 1911م حيث زيدت فيه مواد الدراسة، وحدِّد فيه اختصاص
شيخ الجامع الأزهر، وأُنشىء له مجلس برئاسة شيخه يسمى المجلس الأعلى للأزهر، ووضع فيه
نظام لهيئة كبار العلماء، وجعل لكل مذهب شيخ، ولكل معهد مجلس إدارة. وأنشئ قسم خاص
للتخصص سنة 1923م. وأدخل نظام المراحل التعليمية فيه عام 1930م:
1- الابتدائي ومدته أربع سنوات
2- والثانوي ومدته خمس سنوات
3- والعالي
ومدته أربع سنوات، ويضم ثلاث كليات: اللغة العربية والشريعة وأصول الدين. وحددت المواد
الدراسية التي تدرس في كل مرحلة وكلية
4- التخصص، وهو
على نوعين، تخصص في المهنة، وتخصص في المادة. ويقوم المتخصصون في المهنة بشغل وظائف
الوعظ أو القضاء أو الإفتاء أو المحاماة أو التدريس في المعاهد الدينية والمدارس الحكومية.
ويقوم المتخصصون في المادة بشغل وظائف التدريس في الكليات الثلاث. وأطلق على شهادتهم
العَالِمية.
توجد أقسام غير
نظامية يسمح فيها بدخول الطلبة الذين لم تتوافر فيهم شروط القبول بالأقسام النظامية،
وكذلك أفراد الجمهور للتوسع في دراسة اللغة العربية والعلوم الدينية. وأجرت ثورة يوليو
1952م إصلاحات جذرية في الأزهر حيث تم تنظيم هيئاته وإقامة كليات للدراسات الإسلامية
والعربية والطب والعلوم والتجارة والهندسة والإعلام.
وأوضح قانون إصلاح
الأزهر أن القصد من ذلك تخريج الداعية المسلم الذي يحمل سلاح العلم الحديث والإيمان،
ليساهم في نشر الإسلام والتمكين لدين الله في كل مجالات الحياة. كانت ومازالت تلك رسالة
الأزهر الشريف وربما أضعف شح الإمكانات من فعالية هذه الرسالة لكنه
لم يوهن عزيمة
الحكومات المتعاقبة في دعمه والمحافظة عليه صرحًا شامخًا للعلم والعمل.انتهى.
وفي
الموسوعة الحرة:- بعد عام 2011:- لم يتأثر الأزهر
بالثورة المصرية التي شهدت إزالة حسني مبارك كرئيس لمصر عام 2011، وأسفرت انتخابات
الحكومة الطلابية في الأشهر التي تلت الثورة في فوز ساحق لجماعة الاخوان المسلمين، بعدها اندلعت احتجاجات تطالب المجلس العسكري الحاكم
لمصر باستعادة استقلال المسجد عن الدولة، وقد تم تكليف المسجد نفسه بكتابة مشروع قانون
من شأنه منح الأزهر استقلالا أكبر من الحكومة،في غضون ذلك، حل مؤتمر نقاش في الأزهر
حول مستقبله ودوره الشرعي داخل الدولة، وقد أدت وجهات النظر المختلفة حول دور الأزهر
في المستقبل في مصر تأتي من عدة أحزاب، بما في ذلك المنظمات الإسلامية الرائدة مثل
الإخوان المسلمين، الأصوات الليبرالية التي ترغب في رؤية الأزهر يقف كحصن ضد الإسلاميين
المتطرفين في تشددهم، ويأمل الأزهر أن يصبح مستقل تماما عن الدولة، وله سيطرة كاملة
لوضعه في الوزارات الدينية للدولة المالية، والقيادة، وأبعد من ذلك.أنتهى.
وبعد ثورة
الثلاثين من يوليو وسقوط نظام الإخوان إزداد التطرف والإرهاب ونهض الأزهر بجميع
مؤسساته يدافع عن الإسلام الوسطي ويحارب الفكر المتطرف الذي إستشرط ناره في الأمة
الإسلامية وإن بحثنا هذا مجرد إضاءة بسيطة لدور الأزهر المشرف في مناهضته للمنهج
المتطرف ونشره للمنهج الوسطي السمح وقفة صدق أمام التاريخ تخلد ذلك للدور العظيم
للأزهر الشريف إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها بإذن الله تعالى.
أهمية
الأزهر الشريف
وإن سأل سائل
ما أهمية الأزهر الشريف حتى نبحث عن دوره في نشر المنهج الوسطي نقول له ما قاله
وكيل الأزهر موضحا لنا اهميته ورسالته.
إذ
قال الدكتور عباس شومان:- منذ أكثر من ألف سنة والأزهر الشريف, منارة
للعلم وقبلة لطالبيه, ومركز للمعرفة الوسطية التي لا تعرف الغلو ولا الشطط, ولا
تتلون بألوان الطيف السياسي, ففي أروقته تعلم الملوك والسلاطين, ومن جامعته تخرج
الرؤساء والوزراء والسفراء من أصقاع الدنيا, وإلي علمائه تقرب الملوك والأمراء والغزاة,
ومن صحنه انطلقت الثورات, ومن علي منبره وجهت, وبقيادة علمائه ومشاركة طلابه لطوائف
الشعب مسلمين ومسيحيين,انكسرت قوي الطغيان, وتحطمت أحلام الغزاة, وتحت قبابه مد العلماء
أرجلهم, ولم يمدوا أيديهم طمعا لما في جيوب ملوكهم, وبين الترغيب والترهيب أدوا جيلا
بعد جيل رسالتهم, وما حادوا عن الحق يوما.انتهى.
وأكد
فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب:- أن رسالة الأزهر
الأولى هي خدمة المسلمين في كل أنحاء العالم، وتقديم كل التسهيلات لأبنائهم الدارسين
بالأزهر الشريف.انتهى.
ومن
يبحث عن رسالة الأزهر الشريف يجدها تتمثل في:-
إعداد
جيلا :-
حافظا لكتاب الله
عالما بسنة النبي (صلى الله عليه وسلم ) متمسكا بتعاليم
الإسلام الصحيحة السمحة، داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة،معتزا بدينه وتراث
أمتـــه وحضارتها.
محسنا التواصل
مع الآخرين محترما قيمة المواطنة مدركا ما عليه من واجبات وماله من حقـــوق.
متمكنا من استخدام
التقنيات الحديثة في الحصول على مصادر المعلومات وتوظيفها في الحياة العلمية والمهنية.
مستخدما المنهج
العلمي في التفكير والبحث والمناقشة ومعالجة القضايا المطروحة في إطار من فهم الواقع.
وقال
الشيخ محمد زكي أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف:- إن رسالة الأزهر
عالمية تحمل نور الإسلام للعالم أجمع، ولولا أن حمى الله هذا الدين بالأزهر الشريف
لضاعت معالم الشريعة، فعلماء الأزهر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، حموا هذا الدين
وتحملوا أمانته وإيصاله للناس كما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام.
مضيفًا أن الإسلام
لا يعرف التشدد ولا العصبية، فما شقي الناس إلا بعد أن حرفوا الكلم عن مقاصده تحقيقًا
لمصالحهم.انتهى
وقال
الدكتور محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر:- إن رسالة الأزهر
تتمثل في الفكر والثقافة والحضارة الإنسانية التي قام عليها منذ أكثر من ألف عام.
وأضاف:-
على هامش ندوة الأزهر “الإعلام
الرسالة والمسئولية”، أن مناهج الأزهر تنضح بمنظومته
العملية بداية من علم المباديء وعلم الغاية وعلم المقاصد والغايات وعلوم الآلة والوسائل.
ولفت إلى أن رسالة
الأزهر تقوم على التجرد لطلب الصواب والوصول للحقيقة دون إنحراف للوصول إلى أهواء أو
عصابات أيدولوجية، فرسالة الأزهر هي رسالة الوسطية التي انعكست في مناهجه عقيدة وسلوكا.انتهى.
وبعد أن إتضح
لك أخي القارئ أهمية الأزهر الشريف، آن لك أن تتطلع على دور الأزهر الشريف، في نشر
المنهج الوسطي ،ولكن قبل ذلك ،لا بد أن أمهد لك أيها القارئ، بنبذة مختصرة ،عن خطورة
التطرف في العالم الإسلامي، حتى تكون مستعدا ومقتنعا ، بأهمية تحديه ومناهضته.
معنى
التطرف
التطرف
في اللغة معناه : الوقوف في الطرف ، بعيدا عن الوسط ، وأصله في
الحسيات ، كالتطرف في الوقوف او الجلوس او المشي ، ثم انتقل الى المعنويات ، كالتطرف
في الدين أو الفكر أو السلوك .
ومن
لوازم التطرف : أنه أقرب إلى المهلكة والخطر ، وأبعد عن الحماية
والأمان.
والإسلام
منهج وسط في كل شيء : في التصور والاعتقاد ، والتعبد والتنسك ، والاخلاق
والسلوك ، والمعاملة والتشريع . وهذا المنهج هو الذي سماه الله " الصراط المستقيم " وهو منهج متميز عن طريق أصحاب
الديانات والفلسفات الأخرى من " المغضوب عليهم
" ومن " الضالين " الذين لا
تخلو مناهجهم من غلو أو تفريط.
{انتهى
من موقع الصوت}.
وقال
أحد الباحثين:- التطرف (او الغلو) هو تجاوز الحد المعقول في مسألة من المسائل الفكرية سواء
كانت دينية او سياسية وهو مرادف لمعنى التعصب او التشدد وهو أمراً مذموماً في العقل
والشرع . ان التطرف قد يوصل المتطرف سواء كان فرداً او جماعةً الى التعصب والانغلاق
الفكري لأنه يصل بأفكاره المتطرفة الى مرحلة من الايمان الذاتي بانه وحده من يمتلك
الحقيقة وان ما يؤمن به من رؤى وافكار وعقائد هي الصائبة والصالحة لكل زمان ومكان ولا
مجال للبحث والنقاش فيها مع الاخرين لأنها تعتبر ثوابت وحقائق بالنسبة للمعتقد بها
وهو وحده من يحوز على المعرفة المطلقة فيدين المخالف لعقيدته سواء في الرأي او في التفسير
.
من صفات
المتطرف:
1- فقدان التوازن
الفكري في الامور .
2- كثرة المخاصمة
مع المخالف له بالرأي او بالمعتقد .
3- التضيق والتشدد
على النفس .
4- الحماقة والعجلة
من أمره .
5- النزق واتباع الهوى
.
غالباً ما يظهر
التطرف في المجتمعات ذات التعدد المذهبي ،او الديني ،او القومي ،وخاصة في المجتمعات
المتخلفة حضارياً، فتكون للقيم السائدة في تلك المجتمعات دور مهم وفعال في التطرف ،وان
للمرجعيات التقليدية ،والتي لها تأثير فعال على الافراد او الجماعات، تدفع تلك الافراد
او الجماعات الى ،تنظيم نفسها حول فكر او ايديولوجية ،معينة ،بعد اجراء التثقيف والتلقين
المطلوب، مما يؤدي الى تشكيل تنظيمات واحزاب طائفية واثنية وقبلية، تخترق في بنيتها
التنظيمية توجهات عقائدية، سواء كانت دينية او مذهبية او اثنية متزمتة ،تحت عناوين
الحرية والديمقراطية ،ولكنها في الواقع ديمقراطيتها ،تكون هشة وملغومة ،وتكون حريتها
مشوهة وشكلية، والتي تصب في نهاية المطاف ،في التعصب والتطرف، وتعمق من تخلف المجتمع
وتقسيمه ،والوصول به الى بروز الارهاب ،بكل اشكاله، وهو الاشد خطورة على حياة الفرد
والمجتمع .
ان التطرف ظاهرة
موجودة في جميع المجتمعات ،ولكن بنسب متفاوتة ،وهو ظاهرة عالمية وتاريخية ،ولكنه ينتشر
بشكل واسع في المجتمعات المتخلفة، وذات الثقافة المؤدلجة والشمولية، والذي يتجسد في
ممارسة العنف والاضطهاد، ضد اصحاب الرأي المغاير، سواء كانوا افراداً او جماعات لاسكاتهم
،واقصائهم ،ليتسنى لهذه التنظيمات ،نشر افكارها وايديولوجيتها دون أي معارضة .
مورس التطرف الفكري
عبر التاريخ، ضد كل من له افكاراً وآراءً حرةً وجريئة، نضجت من خلال تناولهم نقداً،
لموضوعات فلسفية او دينية ،وفق منهج اتخذ من العقل، مرجعاً، كمباحث وافكار ورؤى جديدة
للمسائل المطروحة ضد كل ما هو جامد وتقليدي، تجاوزه الزمان والمكان معبرين بذلك عن
ضعفهم وعجزهم الفكري ،عن مسايرة قضايا الحياة ومستجداتها .
وأضاف
قائلا:- ان التطرف الفكري الايديولوجي له نتائج هدامة ،لبنية المجتمعات
وتاريخ البشرية ،فها هم السلفيون والوهابيون اليوم ،يمارسون التطرف الفكري ،تحت اسم
الدين، ويحاربون المخالفين لهم بالرأي والعقيدة، من قتل وتكفير وتهجير .
ان التطرف بكل
اشكاله والذي هو مقدمة طبيعية للإرهاب، والذي يتقوى بفعل الفلسفة الفكرية المتطرفة
،التي تغذيه وتحوله ،من تنظير في الفكر الى تطبيق في الفعل، والذي يعتبر من العوامل
الرئيسية في الافعال اللاإنسانية، التي تقوم بها الجماعات التكفيرية، من قتل وتهجير
ضد المواطنين الآمينين .انتهى.
العيوب
والآفات الملازمة للغلو في الدين
وما
كان هذا التحذير من التطرف والغلو إلا لأن فيه عيوبا وآفات أساسية تصاحبه وتلازمه
. منها :
العيب
الأول :
أنه منفر لا تحتمله
طبيعة البشر العادية ، ولا تصبر عليه ، ولو صبر عليه قليل منهم لم يصبر عليه جمهورهم
، والشرائع إنما تخاطب الناس كافة ، لا فئة ذات مستوى خاص ، ولهذا غضب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على صاحبه الجليل " معاذ " حين صلى
بالناس فأطال حتى شكاه أحدهم الى النبي ( صلى الله عليه وسلم
) ، فقال له : أفتان أنت يا معاذ ؟ ! وكررها
ثلاثا.
( رواه البخاري
) .
وفي واقعة مماثلة
قال للإمام في غضب شديد لم يغضب مثله : " إن منكم
منفرين ... من أم بالناس فليتجوز ، فإن خلفه الكبير والضعيف وذا الحاجة "
( رواه البخاري ) .
ولهذا لما بعث
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) معاذا وأبا موسى إلى
اليمن أوصاهما بقوله " يسرا ولا تعسرا ، وبشرا
ولا تنفرا ، وتطاوعا ولا تختلفا ..."
(متفق عليه ) .
وقال
عمر رضي الله عنه : لا تبغضوا الله إلى عباده ، فيكون أحدكم إماما
فيطول على القوم الصلاة حتى يبغض اليهم ما هم فيه .
والعيب
الثاني :
أنه قصير العمر
، والاستمرار عليه في العادة غير متيسر، فالإنسان ملول ، وطاقته محدودة ، فإن صبر يوما
على التشدد والتعسير ، فسرعان ما تكل دابته أو تحرن عليه مطيته في السير.
وأعني بهما جهده
البدني والنفسي ، فيسأم ويدع العمل حتى القليل منه . أو يأخذ طريقا آخر ، على عكس الطريق
الذي كان عليه .. أي ينتقل من الإفراط إلى التفريط ، ومن التشدد الى التسيب ، ولا حول
ولا قوة إلا بالله .
ومن
هنا:- كان التوجيه النبوي بقوله ( صلى
الله عليه وسلم ) : " اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى
تملوا .. وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل "
( رواه الشيخان و
أبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها ) .
وعن
ابن عباس قال : كانت مولاة للنبي (
صلى الله عليه وسلم ) تصوم النهار وتقوم الليل فقيل له : إنها تصوم النهار وتقوم
الليل! فقال ( صلى الله عليه وسلم)" إن لكل عمل
شرة ( حدة ونشاطا )
ولكل شرة فترة ( استرخاء وفتور ) فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى
غير ذلك فقد ضل "
(رواه
البزار ورجاله رجال الصحيح ) .
وما
أجمل الوصية النبوية العامة لكل المكلفين : الوصية بالقصد
والاعتدال ، وأن لا يحاولوا أن يغالبوا الدين ، فيغلبهم ، وأن يقاوموه بشدة ، فيقهرهم
، فقال (صلى الله عليه وسلم ) : "إن الدين يسر
، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا ... "
( رواه البخاري والنسائي
عن أبي هريرة ).
وقال
العلامة المناوي في شرحه : يعني لا يتعمق أحد في العبادة ويترك الرفق كالرهبان
، إلا عجز ، فيغلب .. " فسددوا " أي : إن لم تستطيعو
الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه " و أبشروا
" أي : بالثواب
على العمل الدائم وإن قل . أ هـ .
والعيب
الثالث :
أنه لا يخلوا من
جور على حقوق أخرى يجب أن ترعى ، وواجبات يجب أن تؤدى .. وما أصدق ما قاله أحد الحكماء : ما رأيت إسرافا إلا وبجانبه حق يضيع
.. وقال ( صلى الله عليه وسلم ) لعبد الله بن عمرو
حين بلغه انهماكه في العبادة انهماكا أنساه حق أهله عليه
: ألم اخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟
قال
عبد الله : فقلت لي يا رسول الله ... فقال
( صلى الله عليه وسلم ) : لا تفعل ، صم وأفطر ، وقم ونم .. فإن لجسدك عليك حقا
.. و إن لعينيك عليك حقا .. و إن لزوجك عليك حقا .. وإن لزورك ( زوارك ) عليك حقا ..
(رواه البخاري
في كتاب الصوم ) .
يعني
: فأعط كل ذي حق حقه ، ولا تغل في ناحية على حساب أخرى .
وكذلك
قال الصحابي الفقيه سلمان الفارسي لأخيه العابد الزاهد أبي الدرداء :- وقد كان رسول الله ( صلى
الله عليه وسلم ) آخى بينهما ، فزادت بينهما الألفة ، وسقطت الكلفة ، فزار سلمان
أبا الدرداء ، فوجد أم الدرداء - زوجته - متبذلة (يعني : لابسة ثياب
البذلة والمهنة لا ثياب الزينة والتجمل كما تفعل المرأة المتزوجة ) فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ! فجاء أبو
الدرداء فرحب بسلمان وقرب إليه طعاما فقال : كل ، فإني
صائم ! فقال سلمان : ما أنا بآكل حتى تأكل .. وفي رواية البزار : أقسمت عليك لتفطر .. قال فأكل .. فلما
كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم .. فقال سلمان : نم .. فنام . ثم ذهب ليقوم ، فقال سلمان له : نم ، فلما كان آخر الليل قال سلمان : قم الآن .. فصليا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا
، فأعط كل ذي حق حقه ... فأتى أبو الدرداء النبي ( صلى الله
عليه وسلم ) ، فذكر ذلك له ، فقال النبي ( صلى الله
عليه وسلم ) صدق سلمان . (رواه البخاري والترمذي )
وفي رواية ابن سعد أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال
: " لقد أشبع سلمان علما ... "
{انتهى من موقع الصوت}.
وبعد
أن ظهرت لك أيها القارئ الكريم خطورة التطرف نبدأ الآن في توضيح دور الأزهر الشريف
في نشر المنهج الوسطي إذ:- استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بمشيخة
الأزهر الشريف
العديد من السفراء
ووزاراء الدول الأخرى في منتصف العام الماضي ألفين وخمسة عشر لبحث شتى سبل التعاون
بين تلك الدول وبين الأزهر من رعاية الطلاب الوافدين وإقامة مراكز بتلك الدول لتعليم
أبنائها اللغة العربية وتدريب أئمتها على كيفية التعامل مع الفكر الإرهابى المتطرف.
ليؤكد الإمام الأكبر
بتلك اللقاءات التى أجراها على أن الأزهر الشريف خلية نحل تعمل باستمرار لمواجهة كافة
اشكال التطرف ونبذ العنف ومساندة جميع مسلمى شعوب العالم ومد يد العون لها عند احتياجها
إلى الأزهر الشريف و شيخه.
وفي
هذا العام ألفين وستة عشر وتحديدا:-11/2/2016:- إذ ألقت صحيفة
صوت الأزهر الضوء على جهود الأزهر الدولية لتصحيح صورة الإسلام ومواجهة التطرف والإرهاب،
وكشفت تفاصيل حول جولات الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، المرتقبة
خلال الأيام القليلة الفائتة، بعدد من الدول الآسيوية تشمل إندونيسيا وماليزيا، والتى
ستعقبها جولتان خارجيتان إحداهما إلى فرنسا والأخرى إلى عدد من الدول الأفريقية، وكانت
بداية الجولات زيارة فضيلته التاريخية لإندونيسيا.
وحفلت زيارة الطيب
إلى إندونيسيا بالعديد من الأنشطة والفعاليات المهمة جاء في مقدمتها لقاء الرئيس الإندونيسي
جوكو ويدودو، و نائبه محمد يوسف كالا ، إضافة إلى إلقاء كلمة عالمية للعالم الإسلامي
أكد فيها أن التمسك بمنهج أهل السنة والجماعة هو الحصن والنجاة.
كما التقى بمجلس
العلماء الإندونيسيين والسفراء العرب في أندونيسيا، إضافة إلى عقد عدد من اللقاءات
مع الشباب لتوعيتهم بمخاطر الفكر المتطرف وتحذيرهم من الوقوع في فخ التكفير أو دعوات
التشييع والفرقة والتعصب المذهبي.
ومنحت إندونيسيا
شيخ الأزهر الدكتوراه الفخرية تقديرا واعتزازا بإسهامات وجهود فضيلته العلمية والدينية
في نشر قيم الوسطية والسلم والتعايش بين المجتمعات ونبذ العنف والإرهاب.
رافق الطيب خلال
الزيارة وفد رفيع المستوى يتكون من محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف السابق، ومحمد عبد
السلام، مستشار شيخ الأزهر الشريف، والدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين،
السفير عبد الرحمن موسى مسئول الطلاب الوافدين.
غير أن دور
الأزهر الشريف لم يقتصر على إستقبال الوفود والسفر إلى الدول الخارجية لنشر المنهج
الوسطي ومكافحة الإرهاب والتطرف إذ أن للأزهر الشريف وسائل متعددة في نشر المنهج
الوسطي حيث أن الأزهر الشريف جدد الخطاب الديني وله أذرع كثيرة ينشر بها المنهج
الوسطي نتحدث عنه في هذا البحث إن شاء الله.
تجديد
الخطاب الديني من دور الأزهر في نشر المنهج الوسطي
حرص
كثير من شيوخ الأزهر على تجديد الخطاب الديني منهم شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد
سيد طنطاوي:- فلقد شدد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق على ضرورة تجديد الخطاب الديني باعتباره سنة كونية
وليس أمراً جديداً، مشيراً الى ان التجديد لا يعني هدم الثوابت أو المساس بأصول العقيدة،
فالتجديد إنما يكون لمواكبة العصر المتطور فيجب على الدعاة ان يهتموا في خطابهم الديني
بالموضوعات الممزوجة بالمستجدات والتي تشغل أذهان الناس.
وقال
شيخ الأزهر السابق في الندوة التي نظمها المجلس
الأعلى للشؤون الاسلامية بالقاهرة تحت عنوان «تجديد الخطاب»: اذا كان التجديد
سنة من سنن الحياة فهو أهم سمات الدين الاسلامي وسبب من أسباب صلاحيته لكل زمان ومكان.
واستعرض
شيخ الأزهر السابق مقومات تجديد الخطاب الديني
والتي تتمثل في:
أولا:
لا بد ان يكون الخطاب الديني نابعاً وزاخراً من كتاب الله
عز وجل.
ثانياً: يجب ان يكون الخطاب
الديني قائما ومستمدا من السنة النبوية المطهرة، فالسنة شارحة ومفسرة لما جاء في القرآن
الكريم، فالسنة والقرآن كلاهما من عند الله، إلا ان القرآن من عند الله بلفظه ومعناه،
أما السنة فهي من عند الله بمعناها، أما ألفاظها بإلهام من الله لنبيه محمد صلى الله
عليه وسلم.
ثالثاً:
أن يكون الخطاب الديني مواكباً للأحداث وهذا هو الذي يعبر
عنه بالتجديد فيقوم الدعاة بمخاطبة الناس وحل مشكلاتهم وذلك عن طريق مواكبة الدعاة
للمتغيرات والأحداث التي يمر بها المجتمع بأن يجدد الداعية المسلم المعلومات والأفكار
وان ينوع الموعظة وان يعمل على اصلاح الفرد لان اصلاح الفرد فيه اصلاح للمجتمع، والاسلام
دين عالج كل الاشياء فتراه يتحدث عن البيئة وكذا علاقة المسلمين بغير المسلمين وتنظيم
الاستهلاك في المياه والطاقة.
رابعاً:
ان يكون الخطاب الديني قائماً على الصدق بعيداً عن الشبهات.
خامساً:
من مقومات الخطاب الديني التوسط والاعتدال والتواضع حتى يكون
له أثره في النفوس.انتهى
وليس
تجديد الخطاب الديني بدعة أو محدثة إخترعها الأزهريون بل هو أمر من أمور الدين
وسمة من سماته إذ أكد ذلك وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان في حديث له إذ قال:-
إن تجديد الخطاب
الديني يأتي على رأس الأمور التي اهتم بها رسولنا الكريم (صلى
الله عليه وسلم) والصحابة والتابعين من بعدهم، لافتا إلى أن التجديد سمة من
سمات شريعتنا الغراء لا ينفك عنه أبدا، والرسول قائدنا في التجديد، وقد رأينا في عهد
النبي كيف نسخت أحكام وتبدلت أحكام في وقت القصير.
وأضاف:
- "إن أول مسألة استخدم فيها التجديد بعد موت رسولنا الكريم
كانت موضوع الخلافة، وكيف أن اختيار الخليفة خضع للآراء المختلفة والاجتهاد، وقد علمتنا
شريعتنا أنه مهما اختلفت الآراء الفقهية وآراء العلماء فهي في النهاية تؤدي الغرض ذاته،
فالطريقة تختلف والغاية واحدة، فلا يمكن للشريعة الإسلامية أن تساير حياة الناس ولا
تعينهم على قضاء حوائجهم إلا بالتجديد وهذا ما يقع على كاهل العلماء في كل عصر وما
يفعله الأزهر منذ نشأته قبل 1060 عاما.
وأوضح:-
أن ما يناسب زماننا قد لا يناسب زمانا آخر، ولذلك كان التجديد
مطلوبا في كل عصر وكل بيئة.. فالجمود مرفوض، والتجديد يكون بتجديد أمور الفتوى والخطاب
للناس إذا ما كانت هناك مستجدات تحتاج إلى رأي كبار علماء الأمة لإبداء رأيٍ فقهي فيها،
ونحن في الأزهر ندرس للطلاب مذاهب فقهية مختلفة، وهي في النهاية صحيحة، ولكن بعض الناس
يشقون على أنفسهم ويجادل بعضهم بغير علم.
وانتقد شومان أسلوب
بعض من يخرجون على الشاشات وعبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ويطالبون الأزهر
بالتخلي عن بعض ثوابت الدين حتى يعجبه الدين، مضيفا "ونحن
هنا نتعجب من ذلك، ونتساءل "كيف لهم أن يعترضوا
على أحاديث جاءت على لسان خير الناس أجمعين؟"..
"قلتها قبل ذلك وأكررها من جديد، على هؤلاء أن
يراجعوا أنفسهم، فهذا الذي يقولوه إنما هو تحريف وتخريب وتدليس على الناس".
وتعجب
فضيلته من بعض الدعوات والنداءات التي تقول:- إن الأزهر لا يستطيع
تجديد الخطاب الديني، قائلا "إن كان الأزهر الشريف
لا يستطيع تجديد الخطاب فمن الذي يجدده إذا؟، هل يجدده
أشخاص يأخذون الدين بأهوائهم ولا يملكون من العلم ما يؤهلهم لذلك، بل إن بعضهم لا يفرق
بين الفقه وأصول الفقه ولا يتمكن من العلوم الدينية وربما لا يعرف شيئا عن علوم اللغة؟،
إنني أندهش عندما أجد لقب "مفكر إسلامي" ينسب لأشخاص لا يعرفون شيئا عن علوم الدين ولم يقرؤوا
كتب التراث، حتى أصبح تجديد الخطاب الديني مهنة من لا مهنة له".
ولفت إلى أنه يظهر
لنا يوما بعد يوم فتاوى ضالة ومشبوهة من أشخاص يتخذون الدين وتجديد الخطاب مطية لكسب
الأموال والشهرة، محذرا من خطورة أمثال هؤلاء الذين يهاجمون الدين والمؤسسات الدينية
ومؤسسات الدولة، ومع ذلك تفتح بعض وسائل الإعلام منصاتها لنشر أفكارهم الضالة والمتطرفة.انتهى.
وكان
من أهم جهود الأزهر الشريف في تجديد الخطاب الديني: توحيد الخطبة:-
بمعنى أن تكون
خطبة الجمعة موحدة في جميع مساجد الجمهورية.
فالخطبة
الموحدة هي:- تحديد أو تخصيص موضوع معين يلتزم به جميع خطباء جهة محددة
بهدف وحدتهم وعدم تفريق صفهم.
وللخطب
الموحدة أسباب تتمثل فيما يلي:-
1- ظهور
التشدد والمغالاة في الدين في الخطاب الدعوي:-
ظهر في عصرنا الحالي
أناس ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، ذلك لأن التشدد عنوانهم، والمغالاة
في العبادة أساسهم ومنهجهم، مع أنهم يعلمون أن التشدد ليس من الدين، وأن الإسلام أصله
التيسير، كما جاء في حديث البشير النذير:{إن الدين
يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة
وشئ من الدلجة}ويخالفون أمره صلى الله عليه وسلم:{بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا}.
وأخذوا يحرمون
على الناس ما هو مكروه، ويوجبون ما هو مندوب، حتى جعلهم الناس أضحوكتهم،وتسليتهم في
سمرهم، وأخذ الناس في بغضهم، وكرهوهم وكرهوا خطابهم حتى أوشكوا على بغض دينهم.
والسبب
في هذا:- سوء الخطاب الدعوي.
2- تساهل
بعض الدعاة في آداء العبادات ووصولهم إلى حد التفريط:-
وإن من أهم أسباب
الخطبة الموحدة تساهل بعض الدعاة ووصولهم إلى حد التفريط في الدين والأخطر من ذلك إستدلالهم
على تفريطهم هذا بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة
فتجدهم
يستدلون على تفريطهم من القرآن الكريم بقول الله تعالى:{لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}وقوله
تعالى:{فاتقوا الله ما إستطعتم}ويستدلون على تفريطهم أيضا
بأدلة من السنة النبوية المطهرة فتجدهم يستدلون بقوله صلى الله عليه وسلم:{إكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا}وقوله صلى الله عليه وسلم:{بشروا
ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا}.
ولا
شك:- أنهم يستدلون على تفريطهم هذا بحق يريدون به باطل لأنهم نسوا
أو تناسو قول الله سبحانه وتعالى:{إن رحمت الله قريب من المحسنين}هذا
الإحسان الذي جاء وصفه في السنة النبوية المطهرة في حوار الأمين مع الأمين إذ سأل أمين
الوحي جبريل أمين الأرض محمد صلى الله عليه وسلم قائلا:{أخبرني
عن الإحسان؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم معلما الأمة كلها بقوله:- أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك}.
ومعني
كلامي:- أن المسلم يعبد ربه كطائر ذا جناحان جناح الخوف وجناح الرجاء
لا يطغى جناح منهما على الآخر فإذا طغى مثلا جناح الخوف على جناح الرجاء يصبح العبد
حينئذ متشددا ومغالي في الدين وإذا غلب جناح الرجاء على جناح الخوف صار المسلم متساهلا
ومفرِّطا في دينه وكلا من الوجهين لا يصح والأصح أن يلتزم الخطيب بالوسطية التي أمرنا
الله بها في كتابه إذ يقول:{وكذلك جعلناكم أمة وسطا}.
فإن هذا الفعل
وأمثاله لهو داع ملح إلى توحيد موضوع الخطبة وإلزام جميع الخطباء بالمواضيع المحددة
دون الخروج عنها.
3- جهل
بعض الخطباء وتصدر غير المتخصصين للخطابة:-
وإن مما عمت به
البلوى في هذا الزمان جهل بعض الخطاء وتصدرهم للخطابة والإمامة مما قد يؤدي إلى إضاعة
الدين وضياع العلم بين الناس إذ يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم {إن الله لا يقبض العلم إنتزاعا ينتزعه من صدور العلماء ولكن
يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقي عالما إتخذ الناس رؤسا جهالا فسئلوا فأفتوا
بغير علم فضلوا وأضلوا}.
ولقد تسبب ذلك
الأمر في تصدر الذين ليس لهم دينارا ولا درهما في هذا المجال حتى أضحت المساجد كالأماكن
العامة التي يتزعمها من ليس لهم فيها شأن وهذا أمر خطير إحتاج إلى توحيد الخطبة حتى
يقضى على هذه الظاهرة.
4- التحريض
على الإرهاب من قبل بعض المتنطعين واتخاذهم المنبر وسيلة إلى ذلك:-
ولقد ظهر في عصرنا
الحاضر أناس يفرقون الأمة ويزعزعون إستقراراها ويتخذون المنابر وسيلة لأهدافهم إنهم
يريدون السيطرة على الناس عن طريق الدين ويروجون لأفكارههم الهدامة عن طريق خطبة الجمعة
إنهم يهدمون البنيان المرصوص الذي قال فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم :{المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه} إنهم يمزقون الجسد الواحد الذي قال فيه النبي محمد صلى
الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى
منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى لذلك إحتيج إلى توحيد الخطبة حتى يتم
القضاء على هذه الظواهر الفاسدة.
وكما
أن للخطبة الموحد أسباب فإن لها اهداف تدعوا إليها وتحث عليه من هذه الأهداف:-
1- الإلتزام
بالمنهج الوسطي الصحيح في الدعوة الإسلامية فلا إفراط ولا تفريط:- إن أولئك القوم
الذين يصعدون المنابر ويخاطبون الناس بكل غلظة وبكل عنف ناسين أو متناسين قول الله
تعالى:{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ
كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ }ويتجاهلون قول
الله سبحانه وتعالى لنبيه:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ }يشددون على الناس دينهم ويضيقون عليهم معيشهم إذ يحرمون على
الناس ما هو مكروه ويوجبون عليهم ما هو مندوب حتى بغضهم الناس وبغضوا تشددهم وأوشكوا
على أن يبغضوا دينهم إن أولئك القوم نسوا أو تناسوا قول الله تعالى:{ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا
حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ
عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ }أولئك الذين قال فيهم النبي محمد
صلى الله عليه وسلم:{هلك المتنطعون} وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم موضحا لنا ديننا :{إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا
وأبشرو واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة}لقد
دل الله سبحانه وتعالى الدعاةعلى المنهج الصحيح الذي يجب عليهم ان يلزموه في دعوتهم:{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
}وحدد لهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم المنهج إذ يقول في حديث شريف:{ بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا }.
لهذا كان القضاء
على المغالاة في الدين هدفا من أهداف الخطبة الموحدة وكذلك القضاء على الذين يصعدون
المنابر بدون وجه حق ويتساهلون في دين الله حتى يصل بهم الحال إلى التفريط في الدين
ناسين أو متناسين قول الله سبحانه وتعالى في وصف عبادالرحمن:{والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}ووجه
الدلالة بهذه الآية أن الله سبحانه وتعالى جعل من صفات عباد الرحمن أنهم إذا أنفقوا
في شئون دينهم أو في شئون دنياهم توسطوا فلا هم يسرفون في النفقة إلى حد التبذير والتضييع
ولا هم يضيقون على أنفسهم ولا على الناس حتى يصل بهم الحال إلى الشح والتقتير وهذه
هي الوسطية التي أمرنا الله بها في جميع أحوالنا في كتابه وميزنا بها نحن أمة الإسلام
فقال في كتابه:{وكذلك جعلناكم أمة وسطا} فلا إفراط
ولا تفريط ولا تعمق ولا سطحية بل وسطية في جميع الأقوال والأفعال والأحوال هذا هو ديننا
دين يسر لا عسر فهذا هدف رئيسي من أهداف الخطبة الموحدة الإلتزام بالمنهج الوسطي الصحيح
في الدعوة الإسلامية.
2- تولي
المتخصصين مسئوليتهم الدعوية وإبعاد غير المتخصصين في هذا المجال عن الخطابة:-
إن من أهم أهداف
الخطبة الموحدة إبعاد غير المتخصصين عن مجال الدعوة فلا يصلح أن يتصدر للخطابة الطبيب
مثلا أو المهندس لأن لكل منهم مجاله الخاص به وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:{أنزلوا الناس منازلهم}.
وإن من أهم أسباب
ضياع العلم تصدر الجهلاء وغير المتخصصين للفتوى وهذا أمر قال فيه النبي محمد صلى الله
عليه وسلم:{ إن الله لا يقبض العلم إنتزاعا ينتزعه
من صدور العلماء ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقي عالما إتخذ الناس رؤسا
جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا }لهذا كان
تصدر المتخصصين للخطابة وإبعاد غير المتخصصين عن هذا المجال هدفا من الأهداف الرئيسية
للخطبة الموحدة.
3- وحدة
الأمة ونزع الفرقة والخلاف من بين صفوفها:- إن المجتمع الإسلامي
الصحيح مجتمع متآلف متعاون كل فرد فيهم ينظر إلى هدف غيره ويساعده على تنفيذه هذا إن
كان الغرض نبيلا لا يقف في طريقه حجر عثرة مانعا إياه من تنفيذ هدفه إذ يقول الله سبحانه وتعالى في ذلك:{وتعاونوا على البر والتقوى ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان}لقد وصف الله سبحانه وتعالى المجتمع الإسلامي وصفا
عظيما إذ يقول:{إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا
الله لعلكم ترحمون} إن هذا المجتمع المتحاب المتآلف لا بد أن يكون كالجسد الواحد
وكالبنيان المرصوص لا يصلح أن يكون بين أفراد هذا المجتمع من يفرق بينهم ويمزق وحدتهم
ويشتت شملهم وخصوصا إذا تصدر بعض هؤلاء المغرضون لمجال الدعوة الإسلامية ويصعدون على
المنبر يقفون موقف رسول الله ويدعون إلى غير ما دعى إليه إن مجتمعنا قال نبينا فيه:{المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك
النبي بين أصابعه}وقال صلى الله عليه وسلم أيضا :{مثل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعت له
سائر الأعضاء بالسهر والحمى}.
وقد
أثمرت الخطبة الموحدة كثيرا إذ كان من أهم
إيجابياتها:- تحقيق الوسطية التي وصفنا الله بها أمة الإسلام إذ يقول سبحانه وتعالى:{وكذلك جعلناكم أمة وسطا }والوسطية
والإعتدال يجب أن يتمثلا في كل جانب من جوانب حياتنا وسطية في المأكل فلا إسراف ولا
تقتير وكذلك في المشرب وسطية في المسكن فلا تفاخر على خلق الله ولا ذلة فيه وسطية في
العبادة فلا تنطع ولا غلو ولا تفريط فيما أمر الله كذلك نحن أمة محمد صلى الله عليه
وسلم وسطا في كل شيء.
وكذلك
من إيجابيات الخطبة الموحدة: جمع الناس على موضوع واحد
مهما إختلفت أماكنهم فهم يتعلمون نفس العلم ويسمعون نفس الأدلة ويصل إليهم نفس الفهم
مهما إختلفت أماكنهم وتباعدت أمصارهم فلا مدع للعلم يضللهم ولا مغرض يريد إفساد حياتهم
وتفرقتهم بل موضوع وفهم يوحدهم لا موضوع وفهم يمزقهم ويضيعهم .
المناهج
الأزهرية ودورها في نشر المنهج الوسطي
قال
أحد الكتاب:- رغم أن الدين الإسلامى هو دين التسامح والوسطية، ونبذ العنف،
إلا إننا نعيش فترة تستر فيها الإرهاب بكل صوره تحت قناع الدين الإسلامى الذى جعلته
العصابات المنظمة والجماعات الإرهابية شعاراً لهم، ليلقوا على كاهله مسئولية جميع الأفعال
البشعة التى يقومون بها، لكن إذا نظرنا إلى حقيقة الأمر سنجد هذه الجماعات المتطرفة
مثل "داعش" أبعد ما تكون عن الدين الإسلامى الصحيح. وحبى الله عز وجل مصر،
بمؤسسة الأزهر الشريف، التى كانت و مازالت منصة الإسلام الوسطى، والمصدرة له لجميع
دول العالم، والتى من المفترض أن تطوع منهجها لتكون أداه لمواجهة الإرهاب، لكن ما الذى
ينتقص المناهج الأزهرية لتنفذ دورها كوسيلة لمواجهة الإرهاب والمتاجرة باسم الدين؟انتهى.
والمناهج الأزهرية
عدلت بالفعل بما يتناسب مع العصر من جانبه قال الدكتور توفيق نور الدين ، نائب رئيس
جامعة الأزهر إن المناهج الأزهرية بالفعل تم تغييرها وتعديلها بما يتناسب مع العصر
الحالى، مضيفا :"كان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
قد شكل لجنة لتطوير المناهج الأزهرية، وحذف الفتاوى الفقهية التى لا تتناسب مع الزمن
الذى نعيش فيه، بالإضافة إلى حذف جميع الألفاظ المستهجنة التى لا يمكن أن نستخدمها
الآن".
و أكد "نور الدين" أن
المناهج الأزهرية تم تطويرها حتى المرحلة الثانوية، وبعض الكتب المعدلة تم تسليمها
إلى الطلبة، وباقى الكتب سيتسلمها الطلاب فى العام الجديد، مشيرا إلى أن هناك مناهج
فقهية بأكملها تم حذفها من المنهج من أبرزها "فقه
ابن تيمية"، لأنه من الفقه الجهادى، الذى يدعو
إلى عدة أفكار مثل الجهاد والسبايا والفدية، وقد تم حذف هذا الفقه لأنه كان مرتبطاً
بأيام الحروب والغزوات، وهذا غير موجود الآن.
وحول تغيير المناهج
الأزهرية الخاصة بالجامعات أكد الدكتور توفيق نور الدين أن فضيلة شيخ الأزهر أمر بتشكيل
لجان مختصة، لتغيير الفتاوى والأحكام الشرعية بما يتناسب مع الزمان المكان والمشكلات
المجتمعية والقضايا التى نواجهها ، و أضاف أن التعديل يجب أن يكون بطريقة "التجديد لا التبديد"،
وتابع :"يجب أن يتضمن التفكير الأحكام التى تدعم
حرية الفكر و التطور الزمنى بما لا يخل بالأجزاء الفقهية التراثية الأصيلة". وأكد "نور الدين" أن المشكلات والقضايا الموجودة على الساحة الآن، تحتاج
إلى رأى الفقيه الذى من المفترض أن يحسم بعلمه وفقهه النزاعات القائمة.
مجلة
الأزهر ودورها في نشر المنهج الوسطي
ظلّت مجلة الأزهر
على مدار 90 عاما، نجمًا ساطعًا في سماء المجلات الإسلامية،
حملت خلال تلك الفترة راية الفكر الإسلامي الوسطي، وعبّرت بجلاء عن روح الإسلام، ونشرت
العلم الرصين لكبار علماء الإسلام، وترأس تحريرها كوكبة من كبار العلماء منهم: فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين، والأستاذ محمد فريد وجدي،
والعلامة أ.د. محمد عمارة.
وقد حملت المجلة
في أعدادها الأولى اسم (نور الإسلام)، ثم أُطلق عليها اسمها الحالي (مجلة الأزهر)، وحافظت هذه المجلة لعقود
متعددة على سمتها ورصانتها.
والناظر
المدقق في الأعداد الأخير من المجلة:- يشعر بالآمان على
مستقبل الفكر الإسلامي الوسطي في ظل ظهور أفكار غريبة عن ديننا وحضارتنا.. يجد القارئ
الكريم بين دفتي المجلة زادًا نافعًا، في شتى صنوف المعرفة الإسلامية والعربية والتربوية
والإنسانية... يجد القارئ ثراء في الفكر، وخصوبة في الطرح، وبلاغة في اللغة، وقوة في
الدلالة، وروعة في المنطق.. إنها إذًا مجلة الأزهر، التي تلقى كامل العناية والرعاية
والدعم من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وعناية خاصة من
فضيلة أ.د. عباس شومان وكيل الأزهر الشريف؛ لأنها ليست مجلة كأي مجلة، بل هي لسان حال
الأزهر في شتى أنحاء العالم، وهي أيضا بوتقة توثيق الفكر الإسلامي وتجدده وتطوره عبر
الشهور والدهور.. لذلك نجد بوصلة المجلة متجهة مباشرة صوب موضوعات رصينة وملفات في
غاية الأهمية
إضافة إلى الأبواب
الثابتة والتي يطالعها قراء المجلة منذ عقود.. كل ذلك يدل على إدراك إدارة تحرير المجلة
بأهمية الكلمة وأهمية الفكر الوسطي والإصلاحي الذي يعبر بجلاء عن رؤية الأزهر الشريف
فلسفته ورسالته.. يجد القارئ أيضًا تنوعًا في الكُتَّاب، ما بين كبار العلماء، والأساتذة
المتخصصين.انتهى.
الخاتمة
هذا هو الأزهر
الشريف، مؤسسة دينية عظيمة ،وجامعة علمية عريقة، حاربت المنهج المتطرف بشتى
الوسائل، ونشرت المنهج الوسطي في خطوط مستقيمة ومتوازية ،نشرته بالكلمة وبالفعل
وبالحركة ،فلم يحرم أحد من منهله العذب، واضحت جهود رجاله في نشر المنهج الوسطي
مشاهدة وملموسة ،ومسموع بها في شتى أصقاع الأرض ،فالأزهر يربي أطفال المسلمين على
المنهج الوسطي منذ نعومة أظافرهم، إذ طور المناهج الدراسية ،لتكون ملائمة لمتطلبات
العصر الحديث، ومناهضة للمنهج المتطرف ،ونشر المنهج الوسطي في جميع مراحل التعليم،
من الإبتدائي وحتى الجامعة ،ومن لم يكن يدرس بالأزهر ،أمامه خطبة الجمعة ،التي
وحدها الأزهر، لتكون مجمعة لأياد الأمة، لتكون عقبة أمام المنهج المتطرف ،ومن يحب
القراءة ،أمامه مجلة الأزهر، يجد فيها العلم والمنهج السمح ،ومن يريد أن يتعلم
المنهج الوسطي السمح، ولكن أمامه عقبة الغربة ،إذ أنه من دولة خارج مصر، فإن الأزهر
لم يحرمه من فرصة الهداية والإرشاد، إلى المنهج الوسطي ،فإن الأزهر يقوم بندوات
ومؤتمرات خارج مصر ،تدعوا العالم كله إلى المنهج الوسطي السمح ومحاربة المنهج
المتطرف.
فيا
أخي القارئ:- كان هذا بحثا بسيطا في تعريف الدنيا كلها دور الأزهر
الشريف في نشر المنهج الوسطي السمح.
أعده
الطالب:-
محمود
محمد إبراهيم الصياد
الطالب
بالفرقة الثالثة شعبة التفسير وعلوم القرآن الكريم بكلية أصول الدين والدعوة
الإسلامية.
جامعة
الأزهر
بطنطا.
وصلى
الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته.
**************************************
البحث جميل جدا جدا
ردحذفجميل والله بس يدي تألمني
ردحذفحبيبي يا برنس مرحبا بك يا غالي ربنا يبارك فيك يارب دايما بخير وصحة وعافية يارب دايما
عامل ايه يا حبيبي هو انت اسمك ايه يا قلبي انا وانت طيب يا غالي ربنا يحفظك ويبارك فيك وفي أهل البيت عليهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
حذف😍💗💞💕💓💖💗💞💖💕💓💓💖😍🥰💕💞💗
حذف