بحث أثر الأحاديث الضعيفة في قصة فتنة نبي الله سليمان وخطرها على عصمته


مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، قيما لينذر بئسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ، الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثني وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ، سبحانه رب السماوات ورب الأراضين ، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ، خلق الخلق فأحصاهم عددا ، وقسم الأرزاق فلم ينس أحدا ، إن كل من في السماوات والأرض إلا آت الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا ، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ،وأشهد أن لا إله إلا الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ، سبحانه رفع السماء بلا عمد وبسط الأرض على ماء جمد ، هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ، هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
وأشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ، أرسله الله رحمة للعالمين ، وهو شفيع الأمة يوم الدين ، فاللهم صلي عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }      
[آل عمران:102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا} 
                                                                                                                                                     
{سورة النساء:1}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}                                    
   {سورة الأحزاب:70-71}
إن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة في الدين بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:- قال الله تبارك وتعالى في سورة ص:{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)}
{سورة ص}
قال الإمام القرطبي:{ قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } قيل: فتن سليمان بعد ما ملك عشرين سنة، وملك بعد الفتنة عشرين سنة؛ ذكره الزمخشري. و { فَتَنَّا } أي ابتلينا وعاقبنا}.انتهى                         
     {الجامع لأحكام القرآن}
وقد جاء في فتنة سليمان عليه السلام أحاديث ضعيفة وموضوعة منها:- عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولد لسليمان ابن فقال للشيطان: أين أداريه من الموت ؟قالوا: يذهب به إلى تخوم الارض.
قال: يصل إليه الموت.
قالوا: قعر البحر.
قال: يصل إليه الموت.
قالوا: يذهب به إلى الغرب.
قال: يصل إليه الموت.
قالوا: فإلى الشرق.
قال: يصل إليه الموت.
قالوا: فنصعد به بين السماء والارض.
قال: نعم.
قال: فصعدوا به، ونزل ملك الموت فقال: يا ابن داود إنى أمرت بقبض النسمة، وطلبتها في البحر فلم أصبها، وطلبتها في الارض فلم أصبها، وطلبتها في الشرق والغرب فلم أصبها، فبينا أنا أصعد إلى السماء أصبتها فقبضتها.
قال: وجاء جسده حتى وقع على كرسيه، وذلك قول الله عزوجل (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) ".
فقد قال في ذلك الإمام ابن الجوزي:- هذا حديث موضوع ولا يجوز أن ينسب إلى سليمان - وهو نبى كريم - أنه يفر من الموت، ولا أنه يقر على أن كونه بين السماء والارض يدفع الموت.              
{الموضوعات لابن الجوزي}
وقال الإمام الألوسي في تفسيره:- وأنا في صحة هذا الخبر لست على يقين، بل ظاهر الآية أن تسخير الريح بعد الفتنة وهو ظاهر في عدم صحة الخبر، لأن الوضع في السحاب يقتضي ذلك.
{روح المعاني للألوسي}
وصحيح الأخبار في هذه الفتنة مارواه البخاري:- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلَّا وَاحِدًا، سَاقِطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ "قَالَ شُعَيْبٌ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: تِسْعِينَ وَهُوَ أَصَحُّ{البخاري}
ففتنة سليمان في أنه لم يقل:{إن شاء الله}. قال تعالى:{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}
{سورة الكهف}
هذا ما جاء في فتنة نبي الله سليمان عليه السلام والله أعلم.
بقلم:- محمود محمد إبراهيم الصياد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


ليست هناك تعليقات:

كن مدون