بحث الأحاديث الضعيفة في قصة زواج خاتم النبيين بأم المؤمنين زينب بنت جحش وأثرها على عصمته


مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، قيما لينذر بئسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ، الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثني وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ، سبحانه رب السماوات ورب الأراضين ، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ، خلق الخلق فأحصاهم عددا ، وقسم الأرزاق فلم ينس أحدا ، إن كل من في السماوات والأرض إلا آت الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا ، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ،وأشهد أن لا إله إلا الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ، سبحانه رفع السماوات بلا عمد وبسط الأرض على ماء جمد ، هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ، هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
وأشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ، أرسله الله رحمة للعالمين ، وهو شفيع الأمة يوم الدين ، فاللهم صلي عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }           
  [آل عمران:102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا}                                          
 {سورة النساء:1}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}                                              
{سورة الأحزاب:70-71}
إن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة في الدين بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:- قال الله تبارك وتعالى:{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}      
{سورة الأحزاب}
جاء في تفسير هذه الآيات أحاديث ضعيفة وموضوعة طعنت في عصمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ خدع بها كثير من العلماء الأجلاء وذكروها في كتبهم واحتج بها كثير من المستشرقين علينا نذكرها ونبين ضعف سندها ومتنها ونذكر إنخداع بعض العلماء بها والتفسير الصحيح لهذه الآيات في هذا البحث بإذن الله تعالى.
الأحاديث الضعيفة في هذه القصة
قال الإمام الطبري:- حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة(وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ) وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام(وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ) أعتقه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:(أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) قال: وكان يخفي في نفسه ودَّ أنه طلقها. قال الحسن: ما أنزلت عليه آية كانت أشد عليه منها؛ قوله(وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) ولو كان نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كاتما شيئا من الوحي لكتمها( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) قال: خشِي نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مقالة الناس.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش، ابنة عمته، فخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا يريده وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما وقع ذلك كرِّهت إلى الآخر، فجاء فقال: يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال: ما ذاك، أرابك منها شيء؟ "قال: لا والله ما رابني منها شيء يا رسول الله، ولا رأيت إلا خيرًا، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أمسك عليك زوجك واتق الله، فذلك قول الله تعالى( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها.
وفي رواية ذكرها ابن سعد في طبقاته قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثني عبد الله بن عامر الأسلمي ، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال : جاء رسول الله بيت زيد بن حارثة يطلبه ، و كان زيد إنما يقال له: زيد بن محمد ، فربما فقده رسول الله الساعة فيقول : أين زيد ؟ فجاء منزله يطلبه ، فلم يجده ، و تقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فُضُلاً – أي وهي لابسة ثياب نومها - ، فأعرض رسول الله عنها ، فقالت : ليس هو هاهنا يا رسول الله فادخل بأبي أنت وأمي ، فأبى رسول الله أن يدخل ، و إنما عجلت أن تلبس لما قيل لها : رسول الله على الباب فوثبت عجلى ، فأعجبت رسول الله ، فولى و هو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه إلا : سبحان مصرّف القلوب ، فجاء زيد إلى منزله ، فأخبرته امرأته أن رسول الله  أتى منزله ، فقال زيد : ألا قلت له أن يدخل ؟ قالت : قد عرضت ذلك عليه فأبى ، قال : فسمعت شيئاً ؟ قالت : سمعته يقول حين ولى تكلم بكلام لا أفهمه ، و سمعته يقول : سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب ، فجاء زيد حتى أتى رسول الله  ، فقال : يا رسول الله بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت ؟ بأبي وأمي يا رسول الله، لعل زينب أعجبتك فأفارقها، فيقول رسول الله : أمسك عليك زوجك ، فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم ، فيأتي إلى رسول الله فيخبره، فيقول رسول الله : أمسك عليك زوجك ، فيقول : يا رسول الله أفارقها، فيقول رسول الله: احبس عليك زوجك ، ففارقها زيد واعتزلها و حلت – يعني انقضت عدتها – قال : فبينا رسول الله جالس يتحدث مع عائشة، إلى أن أخذت رسول الله غشية ، فسري عنه وهو يبتسم وهو يقول : من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله قد زوجنيها من السماء ؟ وتلا رسول الله{ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك ..} الآية ، القصة كلها . قالت عائشة : فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها ، وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها، زوجها الله من السماء ، وقلت : هي تفخر علينا بهذا.
{طبقات ابن سعد( 8/101) ومن طريقه ساقها ابن جرير في تاريخه (3/161)} .
إنخداع بعض العلماء القدامى بهذه الروايات الضعيفة
ولقد إنخدع كثير من العلماء بهذه الروايات الضعيفة منهم الإمام الطبري حيث قال في تفسير آيات سورة الأحزاب:-
يقول تعالى ذكره لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عتابا من الله له(و) اذكر يا محمد(إذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) بالهداية(وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بالعتق، يعني زيد بن حارثة مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم(أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ) وذلك أن زينب بنت جحش فيما ذكر رآها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأعجبته، وهي في حبال مولاه، فألقِي في نفس زيد كراهتها لما علم الله مما وقع في نفس نبيه ما وقع، فأراد فراقها، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زيد، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:(أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) وهو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يحب أن تكون قد بانت منه لينكحها(وَاتَّقِ اللَّهَ) وخف الله في الواجب له عليك في زوجتك( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) يقول: وتخفي في نفسك محبة فراقه إياها لتتزوجها إن هو فارقها، والله مبد ما تخفي في نفسك من ذلك( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) يقول تعالى ذكره: وتخاف أن يقول الناس: أمر رجلا بطلاق امرأته ونكحها حين طلقها، والله أحق أن تخشاه من الناس.انتهى.
وكذلك الإمام الزمخشري حيث قال في تفسير الآية:-
لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالإسلام الذي هو أجل النعم، وبتوفيقك لعتقه ومحبته واختصاصه وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بما وفقك الله فيه، فهو متقلب في نعمة الله ونعمة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو زيد بن حارثة أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ يعنى زينب بنت جحش رضى الله عنها، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصرها بعد ما أنكحها إياه، فوقعت في نفسه، فقال: سبحان الله مقلب القلوب، وذلك أنّ نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها، ولو أرادتها لاختطبها، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى أريد أن أفارق صاحبتي، فقال: مالك: أرابك منها شيء؟ قال: لا والله، ما رأيت منها إلا خيرا، ولكنها تتعظم علىّ لشرفها وتؤذيني، فقال له: أمسك عليك زوجك واتق الله، ثم طلقها بعد.
إلى أن قال:- فإن قلت: ما الذي أخفى في نفسه؟ قلت: تعلق قلبه بها.
وقيل: مودة مفارقة زيد إياها. وقيل: علمه بأن زيدا سيطلقها وسينكحها، لأن الله قد أعلمه بذلك. وعن عائشة رضى الله عنها: لو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا مما أوحى إليه لكتم هذه الآية.انتهى من الكشاف بتصرف.
وغيرهما من الأئمة الأعلام مثل ابن سعد والبغوي والفخر الرازي والشوكاني وغيرهم.
انخداع بعض المعاصرين لهذه الروايات الضعيفة
منهم الدكتورة عائشة عبد الرحمن المشهورة ببنت الشاطئ إذ قالت:-
"إن قصة إعجاب الرسول بزينب وحكاية الستر من الشعر الذي رفعه الريح، وانصراف الرسول عن بيت زيد وهو يقول: سبحان الله مقلب القلوب، قد حكاها لنا سلف صالح ... فهل فيها ما يريب؟ إن آية العظمة في شخصية نبينا أنه بشر ... أفينكر على بشر رسول، أن يرى مثل زينب فيعجب بها؟ "وأكملت بنت الشاطئ قائلة: "إن هذه القصة جديرة بأن تعد مفخرة لمحمد والإسلام!!!"
(نساء الرسول ص 161).
احتجاج المستشرقون بالأحاديث الضعيفة الواردة في هذه القصة علينا أمة الإسلام
ولقد اتخذ المستشرقون الأحاديث الضععيفة الواردة في هذه القصة منبرا يهاجمون منه الإسلام.
إذ يقول المستشرق غوستاف لوبون:- "وأطلق محمد العنان لهذا الحب حتى إنه رأى زوجة ابنه بالتبني وهي عارية، فوقع في قلبه شيء منها، فسرحها بعلها ليتزوَّجها محمد، فاغتم المسلمون غمًّا، فأوحي إلى محمد بوساطة جبريل الذي كان يتصل به يوميًّا من آيات تسوِّغُ له ذلك، وانقلب الانتقاد إلى سكون".
{حضارة العرب}
وليس هذا فقط فلا بد أن يدلي المستشرقان:{مونتجمري واط}و{اميل درمنغم} بدلوهما في هذه القصة ويذكرا الإفتراءات والأكاذيب في كتبيهما وغيرهم من المستشرقين.
بطلان هذه الروايات سندا
نقد سند الرواية الأولى:-
وهو قول الطبري:- حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال:- حدثنا سعيد عن قتادة...الخ،هذا الإسناد مردود من وجهين:-
الأول:- هذا الإسناد مقطوع لأن قتادة لم يصرح بروايته عن أحد الصحابة.
ثانيا:- أن في الإسناد سعيد ،وهو ابن أبي عروبة وكان كثير التدليس ،وأما من وثقه فقد كان ذلك قبل إخلاطه.
{تقريب التهذيب تهذيب التهذيب}
نقد سند الرواية الثانية:-
1 – أن ابن زيد وهو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي ضعيف ضعفه الإمام أحمد وقال البخاري وأبو حاتم:- ضعفه علي بن المديني جدا.
{تهذيب التهذيب}
2 – أن الإسناد منقطع ولم يتصل لأحد من الصحابة ،والمنقطع من أقسام الضعيف.
نقد سند الرواية الثالثة:-
1 – أنها رواية مرسلة ،فمحمد بن يحيى بن حبان تابعي مدني فقيه يروي عن عمه واسع ورافع بن خديخ وأنس وغيرهم.وتوفي سنة 121هـ .
2 – أن محمد بن عمر الواقدي: تكلم فيه فقال عنه زكريا بن يحيى الساجي: محمد بن عمر الواقدي قاضي بغداد متهم ،وقال البخاري: الواقدي:- متروك الحديث تركه أحمد وبن المبارك وابن نمير وقال أكذبه أحمد.
3 – إن عبد الله عامر الأسلمي الذي روى عنه الواقدي: ضعيف الحديث ،وقيل متروك وقيل كان يقلب الأسانيد والمتون ويرفع المراسيل.
{تهذيب التهذيب}
بطلان هذه الروايات متنا
ولقد رد كثير من العلماء على هذه الروايات الضعيفة منهم الإمام القرطبي إذ يقول في تفسيره:-فأما ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم هوي زينب امرأة زيد وربما أطلق بعض المجان لفظ عشق فهذا إنما يصدر عن جاهل بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا، أو مستخف بحرمته.انتهى من الجامع لأحكام القرآن الكريم.
وكذلك الإمام ابن القيم إذ قال في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد:- وأما ما زعمه بعض من لم يقدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق قدره أنه ابتلي به في شأن زينب بنت جحش ، وأنه رآها فقال : ( سبحان مقلب القلوب ) . وأخذت بقلبه ، وجعل يقول لزيد بن حارثة : أمسكها حتى أنزل الله عليه : ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) [ ص: 245 ] [ الأحزاب : 37 ] ، فظن هذا الزاعم أن ذلك في شأن العشق ، وصنف بعضهم كتابا في العشق ، وذكر فيه عشق الأنبياء ، وذكر هذه الواقعة ، وهذا من جهل هذا القائل بالقرآن وبالرسل ، وتحميله كلام الله ما لا يحتمله ، ونسبته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ما برأه الله منه ، فإن زينب بنت جحش كانت تحت زيد بن حارثة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تبناه ، وكان يدعى زيد بن محمد ، وكانت زينب فيها شمم وترفع عليه ، فشاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلاقها ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( أمسك عليك زوجك واتق الله ) ، وأخفى في نفسه أن يتزوجها إن طلقها زيد ، وكان يخشى من قالة الناس أنه تزوج امرأة ابنه ؛ لأن زيدا كان يدعى ابنه ، فهذا هو الذي أخفاه في نفسه ، وهذه هي الخشية من الناس التي وقعت له .انتهى.
ومن العلماء الذين صرحوا برفض تلك الروايات في كتبهم:-
الإمام ابن كثير،أبو بكر العربي ،الإمام الألوسي،الإمام القاسمي ، والشيخ محمد الغزالي ، والدكتور يوسف القرضاوي وغيرهم.
التفسير الصحيح للآيات الواردة في هذه القصة
قال الإمام ابن كثير:- قد روى البخاري أيضا بعضه مختصرا فقال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا مُعَلَّى بن منصور، عن حماد بن زيد، حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك قال: إن هذه الآية: { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ } نزلت في شأن زينب بنت جحش، وزيد بن حارثة، رضي الله عنهما  .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن هاشم بن مرزوق، حدثنا ابن عيينة، عن علي بن زيد بن جُدْعان قال: سألني علي بن الحسين ما يقول الحسن في قوله: { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ [وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ] }  ؟ فذكرت له فقال: لا ولكن الله أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها، فلما أتاه زيد ليشكوها إليه قال: اتق الله، وأمسك عليك زوجك. فقال: قد أخبرتك أني مُزَوّجكها، وتخفي في نفسك ما الله مبديه.
وهكذا رُوي عن السُّدِّي أنه قال نحو ذلك.انتهى من تفسير ابن كثير.
الخاتمة
مما سبق يتبين لنا:-
أن الحكمة من زواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين زينب بنت جحش كانت والله أعلم لإنهاء ما علق بأذهان الناس من عادات من أن حليلة المتبنى لا تزوج وإنهاء التبني والله أعلم.
بقلم:- محمود محمد إبراهيم الصياد.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

كن مدون